قبعات التفكير السبعة

يعود الاختلاف والتباين في طبيعة الأرض؛ في بحارها ومحيطاتها وفي سهولها وجبالها ، وفي طبيعة برها من الصحاري والقفار إلى المساحات الخضراء من الغابات الواحات وكذلك تباين الأجواء فيها من أرض إلى أرض ومن قارة إلى قارة ؛ كل ذلك ينعكس على طبيعة البشر الذين يسكنون ويعيشون في تلك المساحات من الأرض .
وقد فطن العلماء والمفكرون والتربويون إلى تنوع واختلاف أنماط تفكير الناس كل حسب طبيعته وفطرته وكذلك حسب البيئة التي نشأوا وترعرعوا بها ، وما عرف الناس وألفوا !
اختلاف وتنوع أساليب التفكير عند الناس هو في حقيقته ظاهرة إيجابية صحية إذا تم ترشيده بالأخلاق والفضائل والضبط والإتزان الإنفعالي والعدل والإنصاف والإحترام والتقدير لجميع أنماط التفكير عند الناس جميعاً .
الناس في طبيعة احتياجاتهم وضرورياتهم الحياتية المختلفة والمتباينة يفكرون ويفكرون ويفكرون ويقررون بما يتوافق ذلك مع طبيعتهم وظروفهم واحتياجاتهم ، وقد تظهر لهم في الطريق الكثير من التحديات والصعوبات والعقبات لكنهم بالعون والتوفيق والسداد من الله تعالى يغيروا تلك الطرائق والسبل ليحصلوا على النتائج والأهداف والمقاصد المرغوبة والمطلوبة.
توصل الطبيب النفسي البريطاني والمفكر الشهير إدوارد دي بونو إلى تحديد ستة أنماط للتفكير عند أغلب الناس أطلق عليها كتابه هذا ( قبعات التفكير الستة ) ، وقد وجد الكتاب النفيس طريقه إلى أيدي الناس وعقولهم وقلوبهم كذلك جميع القارات الخمس ، وانتشرت الأفكار الموجودة في الكتاب إنتشاراً كبيراً حتى ترجم الكتاب إلى عدة لغات منها اللغة العربية.
وقد رأينا عبر الإستقراء والإستقصاء أن قبعات التفكير الستة للمفكر الشهير دي بونو تحتاج إلى زيادة قبعة تفكير سابعة ، وقد قمنا بإضافتها إلى نموذج القبعات الستة لتصبح لدينا قبعات التفكير السبعة.
قبعات التفكير :
حقيقة أن الدكتور إدوارد دي بونو وهو يمارس الدور العلاجي للمرضى النفسيين رأى التفكير عند هؤلاء كالقبعات الرأسية وأن لكل قبعة لون مختلفة من الناحية المعنوية النفسية والمزاجية وحاول تقريب أنماط التفكير والشخصيات من طلابه ومرضاه والمهتمين بها .
وأن الناس جميعاً ينظرون للأشياء من زوايا مختلفة ومتباينة ولذلك على المربين والمفكرين والقادة والمهتمين بهذا الموضوع أن يأخذوا هذا بعين الاعتبار والتركيز وأن يحاولوا التقريب بين أنماط تفكير الناس حتى يتعانوا ويتعارفوا ويتآلقوا وحتي يكمل بعضهم بعضاً !.
أولاً : قبعة التفكير البيضاء :
هناك فئام من الناس يركزون في تفكيرهم على البيانات والمعلومات واللوائح والقوانين عند ممارستهم لاتخاذ قرارات حياتهم العملية وكذلك عندما يعرض عليهم مشروع أو يتعرضون لبعض التحديات والصعوبات والعقبات أو حتى عند إدارتهم لأعمالهم وشؤونهم الأسرية الاجتماعية ؛ فهم يهتمون بالمنطق العقلاني الرياضي.
هؤلاء الناس هم عمليون بارعون ويحققون الأهداف والمقاصد والإنجاز فهم منجزون إن أرادوا لكنهم قد يتأخروا في تنفيذ المشاريع والبرنامج والمبادرات بسبب البحث وراء التفصيلات والجزئيات الصغيرة .
عند توفير المعلومات والمعارف الكافية لهم مع الأنظمة والقوانين واللوائح فإن هؤلاء يبدعون في تحقيق الرؤى والتوجهات العامة.
وقد لا يبدؤون في العمل حتى تتوفر جميع المعلومات والمعارف والبيانات .
يرى المهتمون بأنماط الشخصية أن يقدم لبس القبعة الحيادية البيضاء عند الحديث عن القرارات الوسطى والكبرى والمشاريع و البرنامج الكبيرة .
ثانياً: قبعة التفكير الحمراء :
التفكير العاطفي والإعتماد على المشاعر والأحاسيس والعواطف والتصورات العاطفية الشعورية في مواقف الحياة المختلفة والمتباينة
يميل بعض الناس من المشاعريين إلى أن تكون عقولهم في قلوبهم ومن خلال تلك القلوب والأرواح المليئة بالمحبة والأحاسيس والعواطف يرون العالم الخارجي ، ويفكرون ويقررون بهذه الطريقة، فعندما تدفعهم الحياة إلى مواقف جديدة وتجارب جديدة ومهمام ومسؤوليات جديدة يفضلون التفكير العاطفي والإدارة العاطفية الشعورية. وخدمة الناس والشعور بهم .
في مجالات الحياة المختلفة يظهر أصحاب التفكير العاطفي في بناء العلاقات الإنسانية الاجتماعية الطيبة بصورة كبيرة وتغليب هذا الجانب في المشاريع والبرنامج وما يترتب على ذلك من اتخاذ القرارات المبنية على المشاعر والعواطف والتصورات الشعورية يضر كثيرا بتلك المشاريع والبرنامج.
ثالثاً: قبعة التفكير السوداء :
التفكير السلبي أو النظرة السوداوية للأشياء من حولنا وكذلك مصاحبة هذه النظرة السلبية السوداوية في مجالات الحياة المختلفة.
هناك فئام الناس ينظرون إلى الحياة الدنيا الكبيرة وإلى الناس كآفة وإلى أنفسهم هم بتلك النظرات وتلك التصورات .
أصحاب هذا التفكير يدققون في الماضي بما فيه لكن بالنظرات السلبية السوداوية ! يتحدثون عن الحاضر أيضاً بالنظرات السلبية السوداوية ! فكيف تظن حديثهم عن المستقبل الغائب عنهم ؟
لا شك أنهم كذلك ينظرون إلى المستقبل القريب أم البعيد بالنظرات السلبية السوداوية!.
هذا النمط التفكير إذا لم يضبط ويدرب أصحابه على حسن الظن بالله تعالى والتقرب إليه والتفاؤل والأمل بالله تعالى فإنه سوف يؤثر عليهم تفكيرهم هذا في مجالات حياتهم حتى الشخصية العائلية.
عندما تعرض فكرة أو مشروع أو برنامج أو أي تجديد تغيير فإن أصحاب التفكير السلبي السوداوي يضعون كل المعوقات والتحديات
والصعوبات والعقبات أمام أي برنامج أو مشروع أو أي تغيير .
إنه الخوف من الذهاب إلى الأمام والركون إلى دائرة الراحة والطمأنينة والهدوء والسكينة ، والشح والبخل في سداد فاتورة التميز والإبداع.
في ميدان التربية و التعليم يبقى أصحاب التفكير السلبي مكانهم يراوحون!
في ميدان الحياة الإجتماعية والأسرية يبقون على أساليبهم القديمة
وكذلك في سائر المجالات والميادين .
رابعاً : قبعة التفكير الصفراء :
ويعبر عن هذا التفكير بالتفكير الإيجابي وهو عكس التفكير السلبي في قبعة التفكير السوداء ؛ ففي هذا التفكير يفكر أصحابه بإيجابية كبيرة والنظر إلى النصف المملوء من الكأس وتغليب الجوانب والمجالات الإيجابية والتفاؤل والأمل.
وأصحاب هذا النمط من التفكير ينظرون دائماً إلى الحياة الدنيا وإلى الناس وإلى حياتهم الأسرية الاجتماعية وإلى الجميع من الجوانب المشرقة الطيبة الجميلة، وهذه النظرة طيبة وجميلة لكن الإغراق في التفاؤل والأمل والإيجابية دون وجود ما يدعم ويعزز هذا التفكير فإن هذا ضرب من الخيال والعبث والضحك على العقل البشري الإنساني الفطري.
التفكير الإيجابي مطلب إنساني فطري ديني وهو من كمال حسن الظن بالله تعالى في كل مراحل الحياة الدنيا وفي كل المواقف المختلفة والمتباينة وفي حياتنا اليومية مع أنفسنا وأولادنا وأهلينا
لكن الذي نراه يحتاج إلى توقف وتوازن مع الحياة الكبيرة هو الإفراط في الإيجابية والتفاؤل وحسن الظن دون عمل أو دون بذل الأسباب الفطرية .
خامساً : قبعة التفكير البرتقالي :
أصحاب التفكير البرتقالي يرون الأمور الحياتية والأحداث والمواقف والتحديات والصعوبات والعقبات من منظار التوازن والتكافؤ بين التفكير السلبي السوداوي الذي يفرط في التشاؤم والسلبية وبين التفكير الإيجابي الذي يفرط في التفاؤل والأمل والإيجابية.
الذين يفكرون بطريقة متدرجة ومرحلية ومتزنة في المواقف والأحداث دون تغليب تفكير على تفكير فهم ينظرون إلى الحياة الدنيا أو إلى حياتهم الشخصية من زوايا مختلفة ومتعددة، فلا يمدحون أنفسهم وقراراتهم ولا يجلدون ذواتهم بالتركيز على الجوانب السلبية السوداوية.
كثيرون هؤلاء بين الناس ، الذين يتأنون ويتروون ويهدؤون قبل اتخاذ أي خطوة إلى الأمام أو أي قرار من القرارات .
تراهم في أكثر العلماء والمفكرين والآباء والأمهات والمربين والمربيات والمديرين وأصحاب القرار .
سادساً: قبعة التفكير الخضراء :
هذا النمط من التفكير يعرف بالتفكير الإيجابي الإبداعي ، يعتمد على
الإبتكار والتجديد في الأفكار والألفاظ ، ويركز أصحاب التفكير الإيجابي الإبداعي على عدد من الضوابط والشروط للفكرة الجديدة منها :
الأصالة والطلاقة والمرونة والجدة والفائدة من تلك الأفكار والألفاظ.
المفكرون الإبداعيون يحاولون في المواقف المختلفة والمتباينة أن يصلوا إلى درجات عالية من التجديد المفيد والمدهش .
ولذلك يحتاجون إلى البيئة الآمنة الهادئة والتحفيز والتشجيع المستمر والدعم المعنوي وتقبل إبداعاتهم ورؤاهم .
حقيقة أن أعداد المبدعين المميزين كثيرة جدا ، لكنهم يتوزعون درجات الإبداع والتميز في كل جوانب الحياتية المختلفة والمتباينة ، فمنهم المبدعون في التربية والتعليم ومنهم في الصناعة ومنهم في الزراعة ومنهم في الإقتصاد ومنهم في الاجتماع ومنهم في العلوم الجديدة المتطورة وغير ذلك.
المبدعون حقيقة منجزون للأعمال متى أرادوا ذلك ، ويحتاج وجودهم كل مرافق الحياة .
سابعاً : قبعة التفكير الزرقاء :
هذا النمط من التفكير هو التفكير المنظم والموجه والشمولي والمتحكم في جميع قبعات التفكير الستة السابقة .
فالذين يلبسون قبعة التفكير الزرقاء هم الآباء والأمهات والقادة والمربون والمؤثرون في الناس والمجتمع .
أصحاب التفكير المنظم والموجه يميلون إلى التخطيط والتوظيف للطاقات والقدرات والملكات والإشراف والمتابعة على تنفيذ الأدوار والمهام والمسؤوليات من قبل المنفذين لها ويقومون بالتقويم والرصد لأعمال الفرق أو المجموعات ويوجهونها بإتجاه تحقيق الأهداف والمقاصد والإنجاز.
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.