مراهقات خطيرة

يعيش الرجل والمرأة مراحل مختلفة ومتباينة من الحياة ، تارة يقترب الجسم من النمو الكامل ، وتارة يقترب العقل ، وتارة يقترب الفهم والعقل معاً ، وتارة تقترب المشاعر والأحاسيس والعواطف من النمو ، هكذا في مراحل النمو والتطور يتقدم عضو على عضو وجهاز على جهاز .
المرحلة التي ينتقل منها العضو أو الجهاز لا يعودان إليها مرة أخرى ، الحركة والفكر والأحاسيس والعواطف والتصورات كلها إلى الأمام ؛ لذلك يكبر الإنسان في حقيقة عقله وقلبه ونفسه وروحه وتبقى التجارب والخبرات هي التي يتكئ عليها في طريقه الطويل .
وتتكون شخصية الرجل والمرأة من الرحلة الممتعة والجميلة في تلك المراحل ، ويظهر أثر الوالدين الكريمين وأثر التربية والتنشئة الطبيعية السليمة ، وكذلك يظهر أثر بقية المصادر التي ساهمت في التربية والتنشئة والتعليم والتقويم والتهذيب للرجل والمرأة على سواء .
وربما يصل الرجل والمرأة بعد طول التجارب والخبرات إلى مستويات مختلفة من زيادة الوعي ! ونفاسة الإدراك والنضج الإنساني الفطري السليم؛ لكن ذلك مرهون بمدى تمسكهم بالقيم والمبادئ والأخلاق والتعليمات السماوية الرفيعة العالية ، وإظهار التفاني والإخلاص في صناعة حياتهم على تلك الصورة الحقيقية الواقعية الجميلة المرسومة في عوالم القيم والمبادئ والأخلاق الفضلى!
في طبيعة الإنسان مراحل مختلفة يتصرف فيها على مستوى عقله وقلبه ونفسه وروحه، فيظهر في تصرفه وسلوكه عدم كمال وعيه وإدراكه وقلة نضجه ، وعدم اكتراثه بالعواقب والنتائج لتلك التصرفات والسلوكيات ، وهذا ما يعرف ببعض المراهقات في مراحل عمره !.
بين مرحلة وأخرى يعود الإنسان إلى تلك المراحل من المراهقة التي مرت به في مرحلة من مراحل حياته المختلفة والمتباينة، ويتصرف غالباً عند مرور المؤثرات عليه بنفس التصرفات القديمة والتي تخيل هو أنه تجاوزها ، وأنه أكبر وأعقل وأنضج أن يعود إلى تلك التصرفات والسلوكيات في يوم من الأيام !.
من تلك الصفات والسمات التي تلزم الإنسان في فترة المراهقة الأولى وتبقى معه إذا أراد لها البقاء ، وقد تتضخم وتكبر معه إذا أراد كذلك حتى تصبح جزء من سلوكه وتصرفاته :
أولاً: تحطيم الأشياء وتكسيرها عند الغضب :
هذه من الصفات التي تصاحب مرحلة الطفولة والمراهقة ، قد تنتهي عند تلك المرحلة وقد تبقى تكبر وتنمو وتنطور حتى تغلب على سلوك وتصرفات الإنسان حتى في مراحل متأخرة من الحياة .
فعندما يتعرض الإنسان ذكراً كان أم أنثى لتلك المؤثرات والأحداث والمواقف والتحديات والعقبات والآلام والأحزان أحيانا يتصرف بنفس الصورة التي يتصرف بها كما لو كان مراهقاً غراً صغيراً ،
تابعوا سلوككم وتصرفاتكم عند التعرض لما يغضبكم ويؤثر عليكم سلباً !
ثانياً: العزلة وعدم الخلطة عند الخوف أو الغضب :
وهذا السلوك والتصرفات ظهرت في مرحلة الطفولة المبكرة وهي قيد الحياة والاستمرار متى ما رغب في بقائها الإنسان ؟! ، وإذا كانت هناك إرادة قوية في التغلب عليها قد يتغير الإنسان وتجاوزها.
ولكنه متى ما كان لها راعياً ؟! أو غير مكترث لتلك التصرفات ظناً منه انها تموت وتتلاشى وتزول هكذا دون بذل جهد أو طاقة أو تخطيط للتخلص منها !
فإنها تفاجئه وقد تصدمه بظهورها فتتغير حياته للأسوء والأردى.
ثالثاً: الهروب الحقيقي والمعنوي :
ويظهر هذا السلوك والتصرف في مراحل الحياة ، وقد يعالج في حينه من قبل الوالدين الكريمين ، وقد يبقى وينمو في حياة الإنسان ويتطور حتى يصل إلى الظهور والأوج ، فيمارسه الرجل والمرأة في حياتهم الزوجية والأسرية.
رابعاً: الشراسة في الهجوم على المثيرات :
في بعض المراحل العمرية تصبح مواجهة المثيرات والدفاع القوي من أجل التغلب عليها من الأدوات والوسائل المحببة لدى بعضهم للتخلص من الخوف أو المخاوف أو الغضب الشديد ، يبقى هذا السلوك العنيف كامناً في الإنسان ما لم يعالجه ويتخلص منه ، فهو يظهر عند المثيرات العنيفة كأستجابات عنيفة .
خامساً: ظاهرة الشك والريبة المرضي :
قد يصاحب بعض الشخصيات أثناء التربية والتنشئة الأسرية بعض المواقف الوالدية الشكاكة؛ والتي تغلب سوء الظن في كل شيء في الحياة الزوجية والأسرية ، فالأمهات كثيرات الشك والريبة والوسوسة وكذلك الآباء الذين يغلب عليم سوء الظن في الناس ، مع قابلية شخصيات وأنماط بعض الأولاد فإنهم يكتسبون هذه الصفات وهذه الشخصيات السامة الخطيرة .
وقد تصل تلك السلوكيات بأصحابها إلى سيطرة تلك الأفكار والألفاظ السلبية السوداوية عليهم ، فهم من خلالها يعبُروا ويُعبّروا.
فقد يخسروا أنفسهم وجميع من يحبهم ! .
سادساً: ظاهرة العناد عند بعضهم :
صورة من صور الرفض في مرحلة من مراحل الطفولة المبكرة ثم المراهقة وقد تتعدل مع تقدم العمر لكنها تتشكل بأشكال وألوان كثيرة كلما نما الإنسان في مراحل حياته المختلفة والمتباينة ، وقد تكون
تلك الصورة من الشخصية هي التي سوف يعود إليها بعد السفر في مراحل العمر المختلفة والمتباينة!
يعود الإنسان إلى حقيقة تكوينه الأولي ويحاول يمارس كل الأدوار والمهام والمسؤوليات التي كان يقاتل من أجلها .
سابعاً: ضعف تقدير الذات( النظرة الدونية للذات ) :
هناك بعض المؤشرات والرسائل التي تدل على أن هذه الشخصية أو تلك لديها ضعف في تقدير ذاتها وهي تنظر إلى صورتها نظرة دونية غاضبة وخانعة ، وترى في غيرها الكمال والجمال والجلال والسمو والرفعة والقوة والعزة والمنعة والنجاح والإعجاب والأهلية لكل شيء ..!
قد يكون للأسر الكريمة والعوائل المحترمة دور في وصول اولادهم إلى هذا المستوى غير المقنع وغير المألوف في احترام أنفسهم وتقديرها ؛ فهم من خلال مواقف الحياة المختلفة والمتباينة يغرسون فيهم بكل الوسائل والطرق انهم ضعفاء ! أنهم فقراء ! انهم عالة ! انهم أغبياء ! انهم لا فائدة ترجى منهم ! وهكذا تطول المقابلات.
قد يتعافى بعض الأولاد من تلك السموم والسلوكيات الخاطئة ولكن تبقى غائرة يعلوها الهدوء والسكينة حتى تجد من يضرمها!
لذلك كل ما يغرس في مراحل الطفولة المبكرة والمتوسطة والمراهقة والرشد وجرى المربون والشهداء الصالحون في تعديله وتغييره وأصبحت للأفراد الشخصيات السليمة المطمئنة ، كلما أكد لنا أن السلوكيات الإيجابية والتفاؤلية يمكن اتقانها وتعلمها والسير بها في مسارب الليل والنهار ؛
ويمكن أيضاً لتلك السلوكيات الإيجابية والتفاؤلية فقدانها وتحويلها إلى مآتم ومآثم .
لذلك كان لزاماً على كل عاقل كيس لبيب تعهد أفكاره ومعلوماته ومعارفه ومهاراته وسلوكياته إيجاباً وسلباً .
وقديما قالوا : أحذر الطفل الشيطاني الذي بداخلك …
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.