كُتاب الرأي
محطات في دورة الحياة

محطات في دورة الحياة
يتعرض ويتعرف الإنسان في رحلة الحياة الدنيا الجميلة الرائعة على عدد من الجوانب والمجالات المختلفة والمتباينة للحياة الدنيا ! قد تؤثر عليه ! وقد يتعلم منها الدروس المفيدة النافعة مع تكور الليل والنهار عليه ! وقد تغير تلك الجوانب والمجالات من أفكاره ومشاعره ! وقد يكتسب منها التصورات الجديدة لحياته القادمة !
ورحلة العمر في الإنسان حقيقة تمر بمراحل ينمو في كل مرحلة نمواً يساعده على الحركة الدائبة المستمرة وعلى تحمل أعباء الحياة الدنيا! وعلى التقدم ومواصلة العمل والاجتهاد والإبداع والتميز والنجاح !
ففي مرحلة أو محطة الطفولة ( المبكرة والمتوسطة والمتأخرة المراهقة ) حتى نهاية الثامنة عشر من عمره يمتلأ بالمعارف والمعلومات ويكتسب المهارات الأساسية والضرورية والحياتية ؛ وهي في مرحلة نموه المستمر على المستوى الفكري والانفعالي والجسمي والاجتماعي كذلك!
بينما يدخل في مرحلة الرشد بعد ذلك ؛ ليبدأ بالتركيز على المعارف والمعلومات والمهارات والاتجاهات الإيجابية السليمة التي تخدمه وتعينه في الحياة الإنسانية! ويظهر عليه في تلك المحطة أو المرحلة زيادة الوعي والفهم للذات والفهم للزمان والمكان والمرحلة الحالية التي يمر بها !
الرشد في حياة الإنسان ليس مجرد مرحلة واحدة تمر عليه ؛ وإنما هي مجموعة مراحل ومحطات يتدرج فيها الإنسان ليصل إلى الكمال الإنساني العقلي الفكري والانفعالي والجسمي وينعكس كل ذلك على نفسه وأسرته وعمله ومجتمعه !
وقد تحدثنا في مقالات سابقة عن النضج والوعي في الإنسان ؛ وأن ذلك هو الجسر الحقيقي للتعليم والتربية والتنشئة والبناء الإنساني الفطري السليم الصحيح ؛ فلا يمكن للأولاد في مراحل الطفولة المبكرة والمتوسطة أن يتصوروا وأن يتخيلوا الأشياء دون أن تمر عقولهم حقيقة على المحسوسات المادية وكذلك التدرج في مراحل فهم تلك المواد التي يتعرف عليها عن طريق الحواس!
رحلة الإنسان في الحياة الدنيا الجميلة الرائعة يتعرض فيها لعدد من الاختبارات والامتحانات والإبتلاءات في مواقف ومحطات مختلفة ومتباينة ويجب عليه دائماً الحسن و الإحسان والرفق ؛ وترك الأثر الطيب الجميل!
ومن تلك المحطات والمراحل التي يمر عليها الإنسان في رحلة حياته :
أولاً: الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة الأولى التي ولد وتربى فيها : هذه الأسرة المباركة الكريمة الطيبة المطمئنة الأولى التى رأى الحياة الدنيا من خلالها ، وكانت له العون والسند والدعم والقوة والمنعة والرحمة والمودة والجنة الأولى.
ثانياً: الأسرة الكريمة الثانية وهي التي يقوم ببنائها وإنشائها ؛ من الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح والأولاد الصالحين بعد ذلك ؛ وما يترك فيهم من الأثر الطيب الجميل.
ثالثاً: الدراسة والعلم والتعلم والتخرج من الجامعة :
هذه المرحلة المهمة يجب أن يُبقي أثرها فيه ؛ وأن يحافظ على تطبيق وتنفيذ ما تعلمه في تلك المحطة المهمة ، وأن يزداد علواً في درجات العلم والمعرفة والتعلم حتى يصل إلى شهادة الدكتوراة في ذلك التخصص الذي اختاره لنفسه
رابعاً: الأصحاب والأصدقاء والزملاء في الرحلة : بناء العلاقات الطيبة الجميلة المباركة مع الأصحاب والأصدقاء من توفيق الله تعالى للعبد في حياته الطيبة المباركة. ومن تلك العلاقات ما تكون كالأغذية ومنها ما تكون كالأدوية ومنها ما تكون كالسموم المميتة القاتلة ! التي يجب عليه الإبتعاد عنها وتأخيرها في برنامج حياته .
خامساً: العمل والوظيفة التي منها مصدر الرزق:
هذه المحطة والمرحلة تأخذ من الإنسان أوقاتاً طويلة، وقد تستغرق سحابة عمره كله ، وهو يكدح ويعمل ويجتهد ، ليوفر لنفسه ولأسرته احتياجات الحياة الضرورية والأساسية من المآكل والمشارب والمساكن والمراكب والمصاريف اليومية والأسبوعية والشهرية.
سادسًا: العمل العظيم التطوعي الذي ينخرط فيه برغبته واختياره طمعاً ورغبة في الأجر والثواب من الله تعالى؛ وهذه المحطة الإحترافية في حياة الإنسان لأنه يمارس ما يحب ويتقن ! وشعاره في هذه العمل قوله تعالى : ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) .
سابعاً: زواج الأولاد واستقلالهم عن الأسرة الكريمة:
تعد محطة تخرج الأولاد من الجامعات والكليات وحصولهم وظائف وأعمال ثم زواجهم من المحطات والمراحل المهمة التي على جميع الآباء والأمهات ؛ وإن كانت هي محطة الأفراح والسرور والسعادة والإمتداد الجميل للآباء والأمهات إلا إنها محطة العودة إلى الأماكن القديمة والعودة إلى بدايات الحياة الزوجية الأولى.
قال شاعر المهجر الكبير إيّليّا أبو ماضي:
إِنَّ الحَياةَ قَصيدَةٌ أَعمارُنا
أَبياتُها وَالمَوتُ فيها القافِيَة
مَتِّع لِحاظَكَ في النُجومِ وَحُسنِها
فَلَسَوفَ تَمضي وَالكَواكِبُ باقِيَة!