كُتاب الرأي

مجالس السّعَة

عبدالله بن سالم المالكي

مجالس السّعَة

سميتها بهذا الإسم لأن المجال فيها واسع ولا يوجد فيها قيود على الكلام فالكل يتحدث بما لديه دون قيد أو شرط وعلى الجميع أن يستمع له ثم يتداخل معه بما يرى أنه يصب في صلب الموضوع الذي تحدث عنه من قبله لكن حديثهم لن يكون تاريخيا مؤصلاً ولا علمياً مؤكداً و لا أكاديمياً مؤطراً .

وعلى مستوى وسائل التواصل الإجتماعي هي تلك المساحات التي توجد في منصات التواصل الإجتماعي التي لا سقف لها ولا حدود فالكل يتحدث وعلى الجميع أن يستمع ثم يتداخل بما يرى أنه مناسب أو حتى غير مناسب .

‏كما أنه في بعض الأحيان يخرج عن المألوف ويتنافى مع المعروف ويبدأ فيه التراشق بالألفاظ والتنابز بالألقاب .

‏مثل تلك المجالس و المساحات الابتعاد عنها فضيلة والتحذير منها خصلة نبيلة وليس بالضرورة المداخلة فيها أو الإعتراض عليها لأنها مجرد وجهات نظر تحتمل الخطأ والصواب، خذ منها ما توافق مع العقل والمنطق وابتعد عن ما يخالف الثوابت والتوجهات العامة للدولة .

و مشكلة تلك المجالس سواء كانت واقعية أو إفتراضية أن الأغلبية مقتنعين بوجهة نظرهم ، وبالتالي إن لم تكن معهم فأنت ضدهم فترى الكل فيها حكيم ما دامت القصة ليست قصته والكل كريم مادام المال ليس ماله والكل صبور ما دامت المصيبة ليست مصيبته والكل بطل ما دامت المعركة ليست معركته وقس على ذلك الكل لاعب محترف أمام الشاشات والكل محلل رياضي بعد المباريات .

العاقل الفطن يعلم جيداً أن الإختلاف موجود منذ خلق أبونا آدم عليه السلام فقد إختلف أبناؤه وقتل أحدهما الآخر لمجرد الإختلاف مع أن الإختلاف لا يفسد للود قضية لكنه يتصعد أحياناً الى أن يصبح خلاف يشتد شيئاً فشيئاً إلى أن يصل الى مرحلة يحتار فيها اللبيب .

عندما قُتل كليب (وائل بن ربيعة) قال الحارث أبن عباد الديّة عند الكرام الاعتذار!! وياليته طبقها على نفسه عندما قُتل ابنه جبير  لكنه قال:  لأقتلنّ به عدد الحصى والنجوم والرمال !!! لاحظ مدى التناقض والكيل مكيالين !!!

والأحرى بنا مراعاة ما تتحلى بها مجتمعاتنا ومجالسنا العربية من قيم وشيم أكسبتها صيتاً ذائعاً وسمعة طيبة مقارنة بغيرها من المجالس التي تفتقد الى أبسط مقومات الانضباط .

ختاماً : لا تطلق  حكما وأنت لم تخض التجربة، ولا تذم غريقاً وأنت على اليابسة، ولا تحكم على الناس وأنت لم تعش ظروفهم، و اعلم بأن ‏سعادة الآخرين لن تضرك وغناهم لن يؤثر على رزقك وتعاليهم لن يقلل من قدرك وقيمتك .

كاتب رأي ومستشار أمني

عبدالله سالم المالكي

لواء.م - كاتب صحفي - مستشار أمني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى