خواطر

لم يكن حلما

زايده علي حقوي

لم يكن حلما

بين ريشة قلمها ورسم حروفها، كان مختبئًا ذاك الجمال، يتربص اللحظة التي يُبعث فيها إلى الحياة…
وسط زحام أفكارها وانهمار مشاعرها، كان يتسلل كطيفٍ مألوف، يترقب لحظة الظهور الموعودة، كقدرٍ كُتب منذ الأزل…

كانت ترسم صورته، تلوّن صوته، وتتبع نداءه القادم من أفق بعيد، وكأنها تعرفه قبل أن تراه، كأن روحها كانت تترقبه قبل أن يدركها الوجود…

هاجمها بلا استئذان، لم يطرق بابها، لم يمنحها فرصة للهرب، بل تدفّق كالموج الجارف، اقتحمها حدّ الغرق، وانسكب كله في أحضان حروفها، حتى باتت لا تميّز أين ينتهي هو وأين تبدأ هي…

رأته في خيالها، وصادفته في أحلامها مرارًا، وحين التقته، كان كقصيدة لم تُكتب بعد، فتنةً متجسدة، عذب البنان، يختال بسطوته كملكٍ لا يُنازع، يملأ المكان بحضوره، كأن العوالم جميعها تتوقف عند خطوته…

نثر الورود في دروبها، واستحوذ على زهوة أيامها، كالشمس تبعث دفئها في أرجائها، تُذيب صقيع الانتظار، وتبعث الحياة في زواياها المنطفئة

يأتي منهمرًا كالغيث، فتزهو به حواسها، تتفتح كزهرة تُراقصها نسمات الفجر، تنتشي بروعة حضوره، وتغرق في تفاصيله حدّ الامتلاء…

هناك، في عمق السماء، تتلألأ ابتسامته كالبدر حين اكتماله، يشع نورًا يخترق عتمة المسافات، ويختصر مجرّات الكون في نظرة…

غمرها…ثم انغمس فيها حدّ الامتزاج، كحلمٍ فاق التوقعات، كحقيقةٍ لم تخضع لقوانين المنطق، كنبضٍ لم تعرفه من قبل، لكنه كان يسكنها منذ الأزل…

كاتبة ومؤلفة وقاصة

زايده علي حقوي

كاتبة ومؤلفة وقاصة ومشرفة الخواطر والقصة القصيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى