كُتاب الرأي
( لبنان وقضية هروب مجرمي بشار )

تعد لبنان الدولة الصغيرة ذات المكون الفسيفسائي ، والجارة للدولة السورية ، ونظامها البائد هي المتضرر الأول من وجودها كجارة ودولة صغيرة لنظام دمشق المقبور .
عملت سوريا ومنذ أكثر من أربعة عقود مضت على التحكم بكل صغيرة وكبيرة في بيروت ، وخاصة بعد دخول الجيش السوري بقيادة اللواء / غازي كنعان أثناء الحرب الأهلية في لبنان ، وأصبحت لبنان تحت شبه حكم استعماري ، واحتلالي من الجيش السوري الذي أوثق رباطه في رقاب كل اللبنانيون،
وقد هيأ ومكن الجيش السوري في لبنان حينذاك الدعم للمكون الشيعي هناك ، وقدم لحركة أمل التي تقود ذلك المكون كل التسهيلات التي جعلتها تنمو وتكبر تحت أعين المخابرات العسكرية السورية ، وكذلك لحزب اللات الذي بدأ كخلية صغيرة إنشقت من حركة أمل في عام 1982م ، حتى أن زادت أهمية هذا التنظيم وقدراته ، وخاصة بعد إعطاء الضوء الأخضر السوري لايران بالتدخل في لبنان ، ودعم الحزب ، والمكون الشيعي الذي تطور ، وأصبح المتحكم في لبنان وسياسته الداخلية والخارجية
حتى نهاية سبتمبر من عام 2024 م
ما أريد الذهاب له في هذا المقال رغم المصائب ، والجرائم التي إرتكبها الجيش السوري في لبنان ، ولعل أشدها إيلاماً هو تخطيطه مع حزب اللات لاغتيال السيد رفيق الحريري عندما كان رئيساً للوزراء عام 2005م.
مايحدث الأن ، وبعد تحرير سوريا في وقت كان الجميع يتسأل فيه عن سرعة وكيفية ذلك السقوط الغير متوقع ، وهروب قيادات بشار المجرمة ، أوإختفائها في بعض المدن والمحافظات السورية في محاولة لتهيئة الظروف لإيجاد أماكن ودول تستقبل تلك القيادات المجرمة ، ولعل المتصور لحركة تحرير المدن السورية وسقوطها كان من المتوقع لتلك القيادات التمترس في دمشق وحولها ، إعتقاداً من مجرمي وقادة بشار أن تكون دمشق عصيةً على السقوط لأيدي الفصائل السورية التي حررت سوريا في بضعة أيام .
إذاً وفي ظل هذه التوقعات ، وتسارع الأحداث ، فالتصور أن تلك القيادات تمكنت من الهروب من دمشق الى بيروت ، ليست جميعها بل ربما القيادات الكبيرة منها والتي تستطيع تدبر أمرها ، وكان لديها إحاطة بقرب سقوط دمشق ، والمؤكد أن الكثير لم يتمكن من الهروب لضيق الوقت في التحرك ، وخاصة إن قامت الفصائل المسلحة بإغلاق المنافذ بوقت كافٍ للسيطرة على ذلك .
الأن الجميع، بما فيهم السوريين المتضررين من تلك القيادات الهاربة ، وكذلك قادة سوريا الجدد ينتظرون الموقف اللبناني الحكومي الرسمي من تلك القيادات الموجودة على أراضيها ، وماهي الإجراءات التي سيتم التعامل بها وفق القوانيين الدولية ، وخاصة أن البعض منهم مجرم دولياً لإرتكابه جرائم حرب في حق الشعب السوري !؟
لا أعتقد أن لدى حكومة لبنان المؤقتة الشجاعة ، والقدرة في تسليم هذه القيادات المجرمة التي هربت لبيروت ، ومنهم اللواء / علي مملوك رئيس المخابرات السابق ، والمطلوب لحكومة لبنان في تفجيرات تقع تحت مسئوليته عام 2012م ، وغيره الكثير !
بالطبع لإعتبارات كثيرة ، ولعل أولها ضعف الحكومة ، وخشيتها من الإقدام على مثل هذه الخطوة ! إضافة لأنه ربما لازال لحزب اللات تأثيراً كبيراً على حكومة ميقاتي التي لاتستطيع التصرف في مثل هذه القضايا دون أخذ الضوء الأخضر من نعيم قاسم ونبيه بري ، ناهيك أنه ربما لجأت تلك القيادات السورية الهاربة لجنوب لبنان ، ولحزب اللات تحديداً ، حيث سيكون من الصعوبة تحرك الجهات المسئولة في الجيش والامن الداخلي اللبناني التوجه لتلك المناطق لتنفيذ القانون!
على المجتمع الدولي مساعدة الفصائل السورية في القبض على كل مجرمي حروب سوريا ، وفي أي دولة كانو! سواءً في بيروت أو بغداد ، أوحتى طهران التي ترعاهم ، وتريد العودة الى سوريا بواسطة تلك الأذيال التي كانت تستخدمهم في قتل وإذلال الشعب السوري .
لابد من محاكمة تلك العناصر المجرمة ، وعلى حكومة لبنان أن تتصف بالشجاعة ، وتعيد كل مجرم على أراضيها من زباينة بشار ، وتسلمه رسمياً لحكومة سوريا الجديدة بما فيهم نعيم قاسم اذا تتطلب الأمر ، وعناصر حزب اللات المجرمة والتي كانت تدفن المواطنيين السوريين ، وتواريهم التراب أحياء في القصير ومختلف المناطق السورية.
محمد سعد الربيعي
كاتب رأي