كُتاب الرأي
(لبنان وصفيحه الساخن )

(لبنان وصفيحه الساخن )
محمد سعد الربيعي
تصريحات نارية وعنيفة واستفزازية لكل اللبنانيين من نعيم قاسم أمين حزب اللات المعين بعد نفوق أغلب قادة الحزب حول ما قررته الدولة بنزع سلاح الحزب .
نعيم قاسم وحزبه ينفذ أجندة ايرانية ، وهي ليست وليدة اليوم بل بدأت منذ بداية الثمانينات الميلادية عندما تم تجنيد نصراللات وابتعاثه لقم من أجل تدريبه ومنحه عدة دورات في العمالة لجمهورية ايران المجوسية ، وانشقاقه عن حركة امل التي كان ولازال يقودها بري جنباً الى جنب مع حزب ايران في لبنان ، وتمكين ايران لعميلها النافق نصر اللات من قيادة الحزب منذ عام 1992 م ولما يزيد عن الثلاثون عاما حتى أن نفق في الاحداث الاخيرة التي شنتها اسرائيل على ذيول ايران في المنطقة.
تحدثت كثيراً عن هذا الحزب وقادته وبعض من مكونه الشيعي الذي كان بمثابة الخنجر المسموم في جسم الدولة اللبنانية منذ نشأته الى الان ، وقيامه بالاعمال الارهابية والاغتيالات التي لم يسلم منها أحد وخاصة من يعارضه أو يحاول أن يقف في وجهه ، الى تدخله في اليمن وتدريب العناصر الحوثية ، ومساندته لنظام الاسد في قتل وتدمير البيئة السنية في سوريا ودفن المواطنيين السوريين السنة كأحياء وفي أنفاق كبيرة وكثيرة كان يجيد حفرها والاختباء فيها في لبنان والضاحية الجنوبية .
كانت زيارة لاريجاني الاخيرة للبنان والتي لم يجف حبرها كما يُقال بمثابة إعطاء الضوء الاخضر لنعيم قاسم وحزبه في لبنان بالمبادرة بالعصيان ، واعلان المواجهة مع الدولة ، ورفض أي توجه قد يأتي في إيجاد حل لكيفية تسليم الحزب لسلاحه ، والتوجه للصلح مع الدولة التي لازالت تحتفظ بوزراء هذا المكون الشيعي في التشكيل الوزاري الاخير الذي يقوده نواف سلام ،والخشية أن يختطف الحزب هذا المكون في مواجهة حرب أهلية مع الدولة تعيد لبنان لفترة السبعينات عندما نشبت تلك الحرب ، واستمرت لما يقارب الخمسة عشر عاما .
لقد بات واضحاً أن زيارة لاريجاني كانت هي الشرارة التي ذهب بها نعيم قاسم لأخذ لبنان ومكونه الشيعي لإحداث فتنة كبيرة في لبنان ، وقد أشرت لهذه الزيارة في مقال سابق سيُنشر في صحيفتنا اخر اخبار الارض في اليومين القادمين بمشيئة الله ، وتحدثت فيه عن التقية التي يمارسها نظام طهران ، وكل قادة هذا النظام وسياسييه الذين يجوبون العالم في توزيع أكاذيبهم تحت مبدأ التقية لديهم ، وقد مارسها لاريجاني في زيارته الاخيرة للبنان حيث قال للحكومة بأن ايران مع ما تنفذه حكومة لبنان ، ولكنه ينصحها بعدم نزع سلاح الحزب! بينما إتضح الان انه قال كلاماً وتوجيهات اخرى لنعيم قاسم وقادة حزبه في الغرف المغلقة وهو ماخرج به اليوم نعيم قاسم من تحدي في مواجهة مع الدولة في حالة أن قررت نزع سلاح حزب ايران في لبنان .
إذاً المواجهة الآن حتمية بين الحكومة اللبنانية ، وهذا المولود السفاح لايران التمثل في حزبها ونعيم قاسم المعروف بجبنه وخشيته من ظله كما يقال ، ولكنه يحاول أن يقف على أرجله المهترئة بدعم ومساندة ايرانية لخلق الفوضى في لبنان ، وإعادة ايران تموضعها في بيروت مالم تصر الحكومة على تنفيذ سياستها بنزع سلاح هذا الحزب ، وايران هنا لاتهرول عبثاً في محاولة دعم حزبها ، وهي لن تتواجه في حالة تقويته مع اسرائيل ، بل تهدف ايران لتوجيه هذا الحزب في محاربة النظام الجديد في سوريا ، وتنطلق في ذلك من بيروت التي ستعمل ايران على إضعاف حكومتها ليتحرر الحزب في حربه الجديدة وتحركاته ضد سوريا ، وربما يتعدى الامر لاكثر من ذلك في تخادم مع العدو الاسرائيلي لتحقيق ماتحاول له الاخيرة وفق رؤيتها التوراتية لاسرائيل الكبرى .
لقد أخطأت الحكومة اللبنانية في السماح للاريجاني بالقدوم للبنان ، وأخطأت أيضاً بعد السماح له بعدم وضع برنامجاً مقيداً له وفق برتوكول لايخرج عنه لاريجاني تُقيد فيه حركاته وإتصالاته ، وهذه للاسف تجارب لم تستفد منها حكومة لبنان حيث تكررت التجربة عندما زارها رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف أثناء شن اسرائيل حربها على الحزب في لبنان ، وماذُكِر من قيامه بإصطحاب أحد قادة الحزب في طائرته أثناء عودته من بيروت ، وقد تحدثت عن تلك الزيارة في مقال تم نشره في هذه الصحيفة ، حول إعتبار ايران لبنان ساحةً لها تتحرك فيها كيف تشاء!.
على المكون الشيعي في لبنان النأي بنفسه عن نعيم قاسم وحزب ايران في لبنان ، والمسئولية الكبيرة في هذه المواجهة تقع الان على نبيه بري الذي أشرت له في مقالي السابق أنه فضل الإختفاء أو الاختباء لما قد يستجد في الساحة بعد زيارة لاريجاني ، وهو ماحدث للاسف ، وكتحليل لهذا الذيل الكبير لايران هو يريد أن يسمع ماقاله نعيم قاسم اليوم من معركة كربلائية ! بل ربما هو ما اتفق عليه مع لاريجاني في عدم نزع سلاح حزب ايران من لبنان .
يواجه لبنان قضية معقدة ، وعليه خوض غمارها دون توقف ، واستخدام كل قوته العسكرية للمضي في نزع سلاح حزب ايران ، وعلى كل اللبنانيين الوقوف مع الحكومة ، واعتبار التهديدات الجوفاء التي صرح بها نعيم قاسم ماهي الا محاولة لتخويف الدولة وثنييها عن المضي في سياستها ليكون السلاح في يدها دون غيرها ومن أي مكوناً كان في لبنان ، وليفهم المكون الشيعي أن عليه أن يكون مع دولته ، وأن يبتعد عن ايران وحزبها ، كما أن على نبيه بري أن يوضح موقفه من الدولة أو الحزب ، وأين يضع نفسه هو وحركته أمل ( أي اين يقف من هذه المستجدات )،التي سبق له كرئيس لحركة امل أن تواجه مع الحزب في تنازع على السلطة التي هُزمت فيها ( امل ) واستولى الحزب على كل مقدراتها وسلطتها في لبنان ،وأصبحت تبعاً للحزب كما هو بري الان تبعاً لايران في عمالةٍ مكشوفة ومقززة يبيع فيها بري دولته التي يُعد أحد مسئوليها .
على دولة لبنان ليس فقط نزع سلاح حزب اللات فقط ، بل نزع ورقة ايران التي تساوم عليها وتستغلها في لبنان من يد الحزب ومن يد نبيه بري ، ومن كل عميل ايراني ينشط بين المكونات اللبنانية جمعاء وليس فقط المكون الشيعي ، وأن تنطلق الدولة وتحزم أمرها في ذلك دون أن تأبه لتهديد نعيم قاسم الذي لايُعرف مكان إختباؤه !.