لا أحد منا يُحب الحُزن

حين تُستنفذ طاقة الإنسان ويشعر بالفتور، يذهب بعيدًا. وهذا ربما يراه البعض هروبًا، لكنه في الحقيقة استعادة… استراحة محاربٍ يعيد ترتيب خططه.
نحن دائمًا نحتاج لتلك الراحة التي تشبه هدنة بين معركتين، تُنعش أرواحنا وتمنحنا القوة للعودة.
تمر بنا فترات تأخذ منا جهدًا عظيمًا، كما تحترق الشمعة لتنير. ومع ذلك، نحاول شحن ذواتنا للإبداع والإنتاج، للعطاء والتلقي. نسقط هنا مثل أوراق خريفية تلامس الأرض، ثم ننهض هناك كزهورٍ تتحدى الشتاء.
لكن أحيانًا، نُستهلك دون أن ننتبه، حتى يغمرنا الفتور كضبابٍ كثيف يطمس الرؤية. ولا نجد أمامنا حلًا سوى العزلة.
نعم، العزلة المفيدة… تلك التي تشبه واحة خضراء وسط صحراء قاحلة، تُعيد إلينا شغفنا وطموحاتنا، وتُنعش أرواحنا بآمالٍ تتجدد وأحلام تُزهر كزهور الربيع بعد سبات طويل.
ذاك الهدوء المنشود هو ما يحتاجه الإنسان في أيامه المتواصلة، فالروح لا تنطفئ، والشغف لا يموت، وحب الحياة لا يتلاشى. بل كلها تعود أقوى متى ما أُتيحت لها فرصة للاستراحة.
لذا، لا تقسوا على أنفسكم، وامنحوها بعضًا من الوقت لتجدد جمالها وتضخ فيكم الطاقة من جديد. فليس كل عزلة حزنًا، ولا كل غيابٍ ضررًا. لقد جُبلنا على حب الفرح، والبحث عن أسبابه جزء من مقومات الحياة، بل فيتاميناتها اللازمة.
زايده علي حقوي
كاتبة ومؤلفة وقاصة