كَبُرَ السِنين .. لا يسرقَ العُيون..!

نحن لانكَبُرُ لكن تسرقُنا العيون إلى مالا نتمناه ولانرجُوه ، نحن مُجرد عُمر من هذا الزمن له أمدٌ محدُود .. الكَبُرَ أحيان يصحح لنا تلك الاتجاهات العاثِرة ويُقنعنا بشيء لم نفكر فيه قَط من السؤال ، وهل نكَبُرُ قبل وقتنا..! وهل يَعُود الشباب الذي لزمناه مَورداً للصحة والعافية وذاك الطيش البريء في صَبابتِه .
الكَبُرَ في العمر يلوح لنا عندما نرى كل الأمور على طبيعتها لا يمكن الجزم بنعم مطلقاً ولا بلا عمداً ، فيها تريثٌ غير مسبوق ولجوءٌ لتلك الحكمة من العقل ، فأحيان نُفكر مالذي كُنا عليه من العَجلة ..! ومالذي كُنا لا نجده مُستحَسناً من الراجحة..! ومالذي لم نَعهدَ عليه من الصِدق .. فيه تَلُوح مُسميات غريبة وقاسية تجِدُنا قد أصبحنا أعماماً للتقبيل على الرأس في كل مناسبة وقضاة للرأي لمن لم يرضى بكل حُكَم .
أول مراحله الاستمتاع بالأوقات الطويلة من التفكير المنطقي وأصعبها مفارقة الجمع من الأصدقاء وقد لا نرضى بغير نَفِير مِنا مُدبِراً يعُاملنا بإحسان غير مشروط ولا إملاء من تكهناتِنا وآرائِنا لأنه مَرّ بهذه المرحلة وتَغّلبَ على أقوى الشخصيات حتى السيجما مِنها ، شِعارهُ مُلبدّ بالغُيوم الماطِرة وتسبيحهُ يسبِقُ مسك سِبحَتِهِ الزاهيّة بالعديد من الأحجار الكريمة.
تَجِدهُ مُتفرغاً للجميع ولا مشكلة تُعيقه من النصيحة وجَهُور بالرأي والنُفوذ ويَتودّد إليه الجميع ، ولايقبلُ الإعتذار فهو مثال للصبر وله من الهَجر فَصَل وفَصَل ، وكم انحنى به الظَهر ، وعاد مثل شِبل الأسد ، وكم من إنسان كان عنه حِمل وحِمل ، وله من مشارِيه عدد مطاليَّبِه ، والعهدُ منه جَبر وجَبر ، تلك هي بعض من صفاته وأفعاله التي لن نوفيه في الكتابة .
ويبقى الدعاء مِنا لمن في أعمارهم لاينقطع هم بركة على الأرض ، ولهم حق التقدير واجبٌ قبل الأولاد والأحفاد ، سوف نمرُ مُرورهم بهذه المرحلة وقد نجدُ أنهم يفترقون عنا بجيل وجِيل ولكنهم هم النسخة الأصلية التي لا مثيل لها ، فسلامٌ عليهم في كل يوم قادم ورحمات من الله لمن ودعونا راحلين .
عماد الصاعدي
مدير فرع هيئة الصحفيين السعوديين بمنطقة المدينة المنورة