كُتاب الرأي

كيف نفرج عن الاحساس المغلق

بقلم/ علي بن عيضة المالكي

ما بين سكون الليل ، وهدوء الفجر ، رحلة ليست سهلة ، رحلة الهروب من عالم الضجيج إلى العالم الهادئ، رحلة يجد معها المرء دفئًا، وبرودة، دقائق وساعات كثيرة يجد معها لذة ممزوجة بالألم، وتارة يخالطها الأمل.

هناك في الاحساس البعيد، البعيد للغاية، نغوص في الاحساس المغلق دون إرادة أو حتى مقاومة ، تتناثر وريقات الحروف حتى تتشكل معها عبارات تأخذنا إلى مكان فسيح، ننسج معها خيوط العبارات الجميلة، ومع هذا الانغماس تغرق النفس في الابتسام ولكنها- أيضا- لا تهدأ مع قوة الانشراح فتجدها تزيد تبعثرًا ، تبحث عن كلمات نوعية تلم شتاتها، كلمات متماسكة لها قيمة تساعدها حتى تصل إلى غايتها وإلى مرادها، كلمات تأخذها إلى عالم اللاوعي ، عالم يعزلها كليًّا عن كل ما يكدر صفوها.

اعلم أيها الغادي إلى الكون الفسيح أن احساسك المغلق لن يجد سبيلاً للخروج إلا بالكتابة. نعم بالكتابة ؛ فالشعر والنثر، والرواية، والقصة، والأقصوصة، والخاطرة، وكل أسلوب لغوي لن يظهر للعالم إلا بالتدوين والكتابة.
إنها جذر الاحساس، وهي عصب الحياة ، وهي طبقة تحمي النفس من التآكل، تحميها من الكدر، تحميها من كل شائبة.

الكتابة تعمل على تفتح الفكر ،وتساعد على انسياب ريشة القلم ، الكتابة تعمل على إيجاد المفقود، وتقيم الجدار المتهدم.

إننا في عالم متغير ، عالم يضج بالدخلاء، ونعني بهم: الجهل، والظلام، والعيش داخل قوقعة الذات، والانكفاء ، ونعني- أيضا- كل وجع وكل ألم ، وكل موقف سلبي ، يمر على المرء يفقد معها توازنه، أو يختل معه اتزانه يخال إليه أنه في بئر عميقة لا قرار لها ، لا هواء فيها ، لا نور ، لا ضوء، أوحتى شمعة تضيء طريقه، لكن حين تتفجر عنده ينابيع الاحساس المغلق ويجد لديه القدرة على التعبير فإنه لن يمكث طويلاً في ذلك الظلام الحالك.

الكتابة وسيلة للتعبير ، تأخذ النفس لبوابات الانفتاح،حتى تنفك وتتخلص من براثن الجهل، الكتابة تكسر أنياب الضلال، وتقلّم مخالب الضياع.

إنها تكسو النفس فروة الأمان وتلك الفروة هي التعلم.
النفس حين تكثر من الاطلاع والقراءة تصبح قادرة على الكتابة ، تقفز لفضاء أرحب ، فضاء يستطيع معه المرء التعبير عن رأيه بأسلوب يتماهى في المسؤولية ، نجده كذلك من خلالها يكشف عن قدراته ومميزاته،وأساليبه، ومدى اتزانه.

ختامًا/
ينبغي على الإنسان الضغط كثيرًا باتجاه التخلص من الركون ، وليعمل باستمرار على تحسين طاقته الفكرية ، بالقراءة والاطلاع المستمر على ما تكتنز النفس من مقومات ومهارات وإبداعات بالتالي سيجد احساسه يتسع شيئٍا فشيئًا حتى يشعر بالانتماء إلى إحساسه الوجداني، على إثرها سوف تبرز مواهبه وشخصيته.
آخرًا:
اعلم وفقك الله أن القلم هو همزة الوصل بين ولادة الفكرة ، وموتها، فليكن القلم حاضرًا في كل الأحوال وسترى كيف يخرج الاحساس المغلق.

كاتب رأي.

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى