كيف تتحقق عدالة الحياة

كيف تتحقق عدالة الحياة
لا أحد يعتقد أو يتصور بأن الحياة عادلة مع الكل، نعم لا أحد يتوقع أنها كذلك فهذه حكمة الله وأمر مفروغ منه ولا مفاصلة فيه أو جدال ، لأنه من الأساس قد خلق الإنسان في كبد ومرار ليعلم أن الدنيا دار مرور وأن الاستقرار في دار القرار ، وأن البقاء للتقوى والاستمرارية للصلاح والاستقامة؛ لذا يقع عليه التفكر والتدبر حتى يستوعب الحكمة من وجوده.
ومع ذلك نريد تسليط الضوء على الفترة القصيرة التي يعيشها الإنسان وما يتمناه ويحلم به.
مثلاً لو ذهب كل واحد وسأل نفسه عن عناصر تحقق عدالة الحياة معه وآمن إيمانًا شاملاً أنّ الله يحبُّ من يعبده ويطيعه في أمره ويجتنب مانهاه عنه وزجره ، يعمل ويجتهد، ويتعب ويتخلق بأخلاق الأنبياء – عليهم السلام – أعلاها شأنًا وأوفرها نصيبًا ، الصدق والتسامح والصبر على النوائب والبر والسخاء، والأمانة وفوقها تأكد الشخص جزمًا ويقينًا أنه جل وعلا يكافئ من يتقيه ويمتثل لأمره ويجازيه على عبادته وعمله وصدقه وإتقانه وإخلاصه ووفائه وأمانته، بتيسير أمره ويدفع عنه ما يضره ، ويرفع شأنه بين الأنام وفي الختام؛ لأدرك وقتها أن العدالة تتحقق من تلك المنطلقات، فإن لم يعمل بها لازمه عدم التوفيق و قلة النجاح وضآلة الإنجاز والحرمان والإفلاس، والضياع فيجدها لاتنقص بل تزيد، لا تقل إنما تكثر ، لاتغيب ولكن تظهر ، لا تتلاشى غير أنها تبقى. كلما أسرف الشخص في التخلي عن تلك القيم والمبادئ آنفة الذكر.
جدير بنا أن نستوعب ما الذي يوصلنا لمثل هذه الحالة في عدم تحقق عدالة الحياة معنا.!!
غالبيتنا يؤكد أن حياته قاسية وشديدة ومقفرة وجافة
لو أنك سألته :
هل أنت مرتاح في عملك؟
هل أنت سعيد بحياتك؟
هل تجد نفسك مستقرة وهانئة؟
هل تحققت أحلامك؟
لأجابك بلا!!
نادرًا ما يسلم الشخص من انقلاب الأيام رغم الإيمان التام بأن الله سبحانه وتعالى هو مسبب الأسباب ، لكن دعونا نكون أكثر انفتاحية ونتناول ما يحصل في هذه الحياة بشيء من التأمل والتفكير الرمزي ونسوق تيارات التساؤل نحو فهم ما يدور ؛ حتى لو كانت أفئدتنا تتنفس معها ألم الفقد والفراق، ألم الحاجة ووجع تحقق المستحيلات وعدم الوصول للأمنيات.
لنسأل أنفسنا عما يحدث معنا من تناقضات ، واختلافات تتراوح بين الأفراح والأحزان ، والنشاط والكسل، والافتراق والتقابل والاقتراب والابتعاد، والغنى والفقر ، والحب والكراهية، والكرم والبخل ، والعطاء والشح، والانكسار والاتزان، والسعادة والشقاء، هذا كله بسبب ما نقترفه في حق أنفسنا، وحق من هم حولنا ومن يعيشون معنا.
لاشك في أننا نؤمن بطبيعة العدالة الإلهية على جميع الخلق فيما يحصل لهم من تغيرات بعض الأحيان تكون شديدة وأحايين كثيرة تكون خطرة عليهم وأوقات فيها أمل وتفاؤل وانشراح هذا أمر لا شك فيه ولا اختلاف عليه، ولكن أيضا تلك التغيرات والتأثيرات التي تقع عليهم كثير منها من صنيعهم وبمعرفتهم لإيمانهم أن الله يرى ويطلع ويحاسب فيكونوا سببًا في عدم وقوعها فتنعكس على عدالة حياتهم بالإيجابية، وقد يحدث أثرها السلبي هذا كله بسبب الإنسان نفسه وما يقترفه من أعمال وما يقوم به من سلوكيات مخالفة للاستقامة والتساهل بالعواقب. هذا شيء مفروغ منه
لطالما حلمنا بحياة يملؤها الأنس والمحبة والسلام حياة نشعر فيها بالوجودية،فيها أحلام وطموحات تتحقق، فيها أنفة وكبرياء واستقلالية،حياة خالية من المنغصات ومن الآلام والأوجاع، خالية من الفقد ، من البعد ، من الافتراق، حياة تخلو من الشوائب يتمناها كل شخص يمشي على وجه الأرض، حياة خاوية من الفقر والعوز والحاجة.
هنا تكمن العدالة التي نعني ، عدالة من النوع الذي يجعل النفس تمتلئ وتكتنز، تنبهر ولا تتعجب، تعلو ولا تهبط، تزيد ولا تنقص، تصح ولا تمرض ، تطفو ولا تغرق.
عدالة الحياة تكمن في الشعور الفاتن الذي يتسلل حتى أعمق نقطة يمكن أن يستوعبها الإنسان، نقطةالمتعة واللذة ، بالطبع تلك الحالة لا يصل إليها ملايين الناس لأسباب ذكرتها في افتتاحية المقال،كونهم يمضون حياتهم في البحث عنها ، وتذهب زهرة حياتهم في الجري خلفها وكأنها سراب كلما اقتربوا منه ابتعد عنهم لكن لو قدر لهم الحصول على تلك الحياة الفاتنة، الملتحفة بالسكون والهدوء وسائر الأمنيات لانتهى شقاؤهم وتمزقت متاعبهم وتبعثرت كل أوجاعهم.
ختامًأ
يقول فرانسوا كليمان سوفاج : ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئًا نناضل من أجله.
انتهى
علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي