فاطمة سعدالغامدي
على من يجب أن تنتصر؟
الخوف مشجب يعلق عليه أكثر الناس سترات التخفي وعباءات الخطوات المضطربة .
مم تخاف ؟ من المجهول من غد ومن الغرباء من الأماكن المرتفعة والأماكن المظلمة ،ومن الطعام الذي لم تعده أمي ،ومن وجه جاري العبوس ومن صوت خالتي الصاخب ومن ابتسامة امرأة تتذكر يوما سعيدا ومن نظرات رجل أعمى ومن تجربة جديدة ومن نظرات الإعجاب ومن نظرات الإزدراء من القرب ومن الفقد
وماأكثر اللاءات !
لاتلمس لاتقترب لاتأكل لا تثق لاتشرب
أخي يخاف من الكلب ،وأنا أخاف من الحشرات ،وأختي تخاف من المعلم ،وأمي تخاف من الشرطي ،وجارتنا تخاف من زوجها ،وعمي يخاف من زوجته ،
وعمتي التي لم تتزوج تستيقط فزعة كل ليلة وتجمعنا جميعا في غرفة نومها، فليلة ترى أبي وقد صدمته سيارة وليلة أخرى ترى أمي وقد التهمتها النيران ،وتارة ترى أطفالا يغرقون في البحر ، إنها تخاف من الليل ومن النوم وتكتنز قصص المراهقين المرعبة لتحيلها سيناريو مريعا عندما تنام
، تركض أمي خلفي كي اشرب دواءي الذي أكرهه وتحمل أختى للشيخ الذي يتمتم فوق رأسها ويمرر أصابعه الساخنة فوق أنفها وتغسل فناجين عماتي وتعتصر آثارهن وتسكبها في أرجاء البيت اتقاء لحسدهن ..
نحن نخاف من المعلوم ومن المجهول
من الحاضر ومن الغائب ومن الطيب والخبيث .
وماأكثر المصابين بمتلازمة الفشل حد ألا يتقدموا خطوة ..
وأعرف أناسا يخشون النجاح .
وهناك من يتفاقم الخوف لديه حتى يصيح تنينا عملاقا وهو في الأصل لاشئ
يعلق التمائم والخرزة الزرقاء …
لكنّ أجمل الخوف هو الخوف من الله
بل خشيته والتزام الأذكار بالمعوذتين
واستذكار قوله تعالى : (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا ) وقوله تعالى :(ولاتخشوهم واخشونِ ) ،،
يقول نجيب محفوظ :“الخوف لا يمنع من الموت، لكنه يمنع من الحياة.” –
فهو سجن ذو أسوار عالية إن لم نتسلقها نظل أبدا في الحفر ..والشجاع الحقيقي هو من يواجه الخوف المتضخم جدا المستند على الأوهام وخيوطه الواهية ..
وأخيرا الخوف هو عدوك الحقيقي الذي يجب أن تنتصر عليه.
