كتابات في قفص الاتهام

في بعض الأحايين، نجد المعاناة التي يمر بها البعض تكون سببًا في إخراجهم من النور إلى الظلمات بالتالي يصبح العكس غير صحيح.
وتتمثل تلك المعاناة في صور شتى ومنها :
الكتابة على الجدران.
إن ظاهرة الكتابة على الجدران غالبًا ما تكون بسبب التهميش، أو الاضطهاد، أو الفقر ، أو التشرد وربما تكون بسبب سوء التنشئة.
أسباب شتى ربما تكون سببًا في انتشار ظاهرة الكتابة على الجدران أسبابٌ تخرق كل الحواجز الورقية لتكون بعدها بمثابة الإشهار العام ، بمشاعر وأفكار أو حتى آراء ، كما أنها قد تصل حد التحريض ، وبث الكراهية، وبانتقالها إلى هذا الحد نعتقد أنها ستكون هادمًا للكثير من القيم .
إنِّ هذا الجنس الكتابي ينتشر ويتمدد ، وهو مؤمن بقوة الكلمة لكنها تبقى كتابة عشوائية غير محترفة، وتأثيرها نافذ لأنه يمثل رد فعل أو تعبير عن موقف أو إسقاط على جملة أمور متعددة وربما تكون معقدة.
إننا نرى ذلك الجنس الكتابي من مجهولين اتخذوا الجدار بديلاً للأوراق ، ولهم أماكنهم المقفلة، يختارونها بعناية تامة للتنفيس عن حجم الضجيج الداخلي ، وللعلم فإن موجهاتها واضحة ، وكتابها من ثقافات متعددة ، محاطون بظروف البعض منها معروف والكثير منها غير معلوم ولكنها بالتأكيد ظروف صعبة في كل الأحوال.
إن هذه الثقافة أخذت في الإتساع خاصة أنها تعبر عن التمرد النفسي على قوانين الذات، وقوانين الطبيعة البشرية، وتأخذ حالات معينة ربما تكون لأغراض سياسية، أو اقتصادية ، أو حتى اجتماعية ، وهذا يعني أن النسيج الاجتماعي لها يسمح لشيوعها أو يساعد في انتشارها بغض الطرف عن تصرفات كتابها أو الخوف من ردات أفعالهم كون مثل هذه المجتمعات ليست صناديق مغلقة بالتالي يمكن لهذا الجنس الكتابي أن يأخذ طابعًا وشكلاً آخر يسمى القهر الذاتي أو الجماعي.
إن الترميز الحرفي الذي نشاهده ونراه على الجدران يعبر عن إعلام فوضوي لسلوكيات غير منضبطة ربما يكون سببه- أيضا- الكبت وقد يخرجنا ذلك من الفردية إلى الجماعية كاستنجاد سريع لحالة ما قد تكون إما ( عشقًا، أو حبًّا، أو قهرًا).
في الواقع تلك الأساليب المستخدمة تشابه الأزهار الشريرة وهي بالطبع تشوهات نشأت في جسد مثخن بالأيدولوجيات الموجهة ولأننا نعتقد أنها كذلك فإنه من الضرورة قراءة العواطف المكبلة ، وقراءة صفحات التحولات التي طرأت على كتّاب هذه الثقافات ورسّخت للكثير من المفاهيم المغلوطة.
تبقى قراءة خطرة ذات أبعاد وأهداف وتبقى ممارسات لها غايات ولها رسائل ولكن في النهاية يجب أن تختفي أو تعالج.
علي عيضة المالكي
كاتب صحفي و اعلامي