قوة السائح السعودي

قوة السائح السعودي
في السنوات الأخيرة، لم يعد السائح السعودي مجرد عابر في مطارات العالم، بل أصبح قوة ناعمة يُحسب لها ألف حساب. تأثيره لم يعد مقتصراً على الفنادق والأسواق، بل امتد ليعيد رسم ملامح العلاقات، وتعديل سياسات، وتوجيه بوصلات الاستثمار السياحي في العديد من الدول.
هذا التحول جاء نتيجة طبيعية لارتفاع الوعي، واتساع الآفاق، وزيادة الإنفاق، حيث بات السائح السعودي من الأعلى إنفاقاً عالميًا، مما جعله عنصراً استراتيجياً في حسابات الوجهات السياحية، لا سيما في مواسم الذروة.
دولٌ عديدة بدأت تعيد النظر في قوانينها وإجراءاتها، وتكسر جمود مواقفها التقليدية، لأن قوة السائح السعودي دفعت بعض الحكومات إلى الرضوخ للواقع، ومراجعة شروطها لاستقطابه.
وفق تقارير منظمة السياحة العالمية، يتجاوز متوسط إنفاق السائح السعودي الفردي في بعض الدول حاجز 5,000 دولار في الرحلة الواحدة، وهو رقم يفوق معدلات إنفاق سياح دول أخرى مجتمعة هذا الرقم الضخم لا يُنظر إليه من باب الترف، بل كقوة اقتصادية متنقلة تُحدث فرقاً في ميزانيات المدن التي تستقبله
ومع هذا التأثير الاقتصادي، برز أيضًا التأثير السياسي فاختيارات السائح السعودي باتت تُقرأ بوصفها رسائل ناعمة، وإشارات شعبية تجاه الدول والمواقف الامتناع عن زيارة وجهة معينة احياناً يوازي بياناً دبلوماسيًا غير مكتوب، والإقبال الواسع على دولة ما قد يُفسر كقبول شعبي لسياساتها أو تعاملها مع المملكة
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن بعض الدول استحدثت أنظمة دخول خاصة بالسعوديين، ومنحتهم مزايا غير مسبوقة كالتأشيرة الفورية، أو الدخول دون تأشيرة أساساً ، أو تقديم خدمات خاصة في المطارات والفنادق، فقط لأنهم “سعوديون”.
وهذا بحد ذاته شاهد على أن العالم بات يعترف عملياً بقيمة هذه القوة الناعمة المتنقلة.
كما أن السائح السعودي أصبح يمثل وطنه بثقة، ينقل صورة مشرقة عن المملكة الجديدة، بانفتاحها الثقافي وتنوعها الحضاري، ويعكس القيم السعودية الأصيلة في التعامل، والكرم، واحترام الثقافات المختلفة.
ختاماً ، السائح السعودي لم يعد مجرد مستفيد من التجربة السياحية، بل صانع لها، وموجه لمستقبلها هو اليوم لاعب اقتصادي وسياسي بصمت، بصوته الهادئ، ومحفظته المؤثرة، وجوازه الذي فتح أمامه، وأمام وطنه، أبواباً كانت مغلقة.
بقلم / أ. تركي عبدالرحمن البلادي