كُتاب الرأي

قصة تلهم.. وكشاف يُولد

قصة تلهم.. وكشاف يُولد

كيف نصنع بالقصص عضوية كشفية تنمو؟

في ظل التغيرات السريعة التي يعيشها العالم اليوم، ومع تصاعد المغريات الرقمية والترفيهية، يجد الجيل الجديد نفسه في دوامة من الخيارات التي غالباُ ما تُلهيه عن التجارب التربوية العميقة، كالحركة الكشفية، التي كانت -ولازالت- مصنعاً للرجولة، وميداناً لصقل الشخصية، ومنجماً للقيم والمبادئ.
إننا نعيش اليوم في زمن لا يكفي فيه الحديث الجاف عن المبادئ أو سرد المنافع النظرية؛ فالأجيال الجديدة لا تنجذب إلا لما يخاطب خيالهم، ويطرق أبواب مشاعرهم، ويُقنع عقولهم بلغة تحاكي واقعهم؛ ومن هنا تبرز أهمية القصة الملهمة كأداة قوية ومؤثرة في إعادة إشعال جذوة الحماس تجاه الانضمام للحركة الكشفية.
القصة الملهمة ليست مجرد حكاية تروى قبل النوم، بل هي وسيلة استراتيجية متقدمة في التأثير، تغرس القيم وتُعيد تعريف المفاهيم، وتُجسد في شخصياتها كل المعاني التي نريد أن نراها في كشاف الغد؛ قصة عن فتى خجول تحوّل في المعسكر الكشفي إلى قائد ميداني لا يتردد في اتخاذ القرار، أو عن كشاف أنقذ حياً من كارثة بيئية لأنه تعلم مبادئ الاستشعار والاستجابة في أحد مخيماته؛ قصص كهذه لا تُنسى، بل تُروى وتُعاد وتُحفَظ، وتصنع الفرق.
لكن السؤال: من يكتب هذه القصص؟ ومن يُجيد زرع القيم بين السطور دون وعظ مباشر؟
الإجابة تبدأ من تأهيل القيادات الكشفية، ليس فقط على مبادئ الإعلام الحديث، بل على فنون الكتابة القصصية، وتقنيات التأثير، وأساليب الربط بين الوقائع التربوية والسرد الجاذب، بشكل يجعل الطفل يرى نفسه في بطل القصة، والأب يرى في تلك القصة مستقبل ابنه.
إننا لا نحتاج إلى حملة دعائية ضخمة بقدر ما نحتاج إلى قصة تُحكى بإتقان، فتدخل إلى القلوب قبل العقول؛ قصة تُنشر على منصات التواصل أو تُعرض في مقطع فيديو قصير، تُلهب الحماس وتغرس الانتماء، وتُقنع المتلقي بأن الكشاف ليس مجرد زي أو نشيد، بل هو رحلة تنشئة ممتدة تبدأ من المعسكر ولا تنتهي إلا بمواطن صالح نافع.
فلنبحث عن القصص.. في أرشيف قادتنا، في دفاتر الكشافة القدامى، في ذكريات المخيمات التي غيّرت مصير أحدهم؛ ولنُعِد صياغتها بلغة العصر وروح الجيل، ولنجعل منها جسراً يعبر به الجيل الجديد نحو الحركة الكشفية التي تستحق أن نعيد تقديمها لهم من جديد، لا بالشعارات، بل بالقصص التي تُلهم وتُقنع وتُجدد الدماء في شرايين العضوية الكشفية.
 

مبارك بن عوض الدوسري

@mawdd3

مبارك عوض الدوسري

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى