قصة أمة صنعت من الصحراء حضارة ومن الرؤية مستقبلًا

محمد عمر المرحبي
قصة أمة صنعت من الصحراء حضارة ومن الرؤية مستقبلًا
يأتي اليوم الوطني السعودي ليكون أكثر من مجرد ذكرى، فهو مناسبة نستعيد فيها رحلة وطن وُلد من رحم الصحراء، وتحول إلى ملحمة حضارية تُدهش العالم. رحلة بدأت بيد رجل واحد، هو المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه –، الذي جمع الشتات ووحّد القلوب تحت راية التوحيد، وأقام دولة راسخة الجذور، ثابتة الدعائم، عنوانها الأمن والأمان، ورسالتها البناء والازدهار.
لقد كانت البدايات شاقة، أرض مترامية الأطراف، صحارى قاحلة، وموارد محدودة، لكن عزيمة القائد وإيمانه جعلت من المستحيل واقعًا، فغرس في أبنائه معنى التضحية والإخلاص، وبنى الأساس المتين لدولة ستصبح بعد عقود قلب العالم الإسلامي، ورمزًا للعزة والنهضة.
ومن بعده، حمل أبناؤه الملوك الأمانة جيلاً بعد جيل، فكل عهد كان لبنة جديدة في صرح المجد السعودي. توسعت المدن، وشُقت الطرق، وأُنشئت المدارس والجامعات، وتحولت المملكة إلى حاضنة للعلم والفكر، ومركز صحي متطور يضع الإنسان في مقدمة أولوياته.
وفي الاقتصاد، انتقلت السعودية من الاعتماد على مواردها التقليدية إلى آفاق أوسع. مشاريع عملاقة، استثمارات كبرى، وطموحات لا حدود لها، جعلت منها قوة عالمية تُسهم في استقرار الأسواق، وتبني لنفسها موقعًا متقدمًا في سباق التنمية والابتكار.
أما مكانتها الروحية، فهي تاج على رأسها، فهي أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين. وهنا تجلى شرف عظيم حملته المملكة بكل فخر، فجعلت خدمة الحجاج والمعتمرين مهمة مقدسة، توسعة للحرمين، تطوير للبنى التحتية، إدخال أحدث التقنيات، ورعاية صحية وتنظيمية تفوقت على كل التحديات. ملايين الزوار يجدون في كل عام الرعاية والاهتمام، ليعودوا إلى أوطانهم شاكرين لهذا الوطن العظيم.
واليوم، ومع قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله –، دخلت المملكة عصرًا جديدًا من النهضة. رؤية المملكة 2030 ليست مجرد خطة، بل هي حلم أمة يتجسد على أرض الواقع؛ مدن ذكية، مشاريع عالمية، تنويع اقتصادي، واستثمار في الإنسان بوصفه الثروة الحقيقية. إنها نقلة حضارية تجعل من السعودية العظمى رائدة في ميادين الاقتصاد، والابتكار، والثقافة، والطاقة المتجددة.
إن اليوم الوطني ليس يومًا عابرًا في الذاكرة، بل هو مناسبة تُذكرنا أن ما تحقق كان ثمرة إيمان ووفاء وولاء. هو عهد متجدد على أن هذه الأرض، التي صنعت من الصحراء حضارة، ومن الرؤية مستقبلًا، ستبقى ماضية في طريق المجد، شامخة برايتها، ثابتة في قيمها، متجددة في طموحها، راسخة في مكانتها بين الأمم.
هذه هي المملكة العربية السعودية… وطن العز والنهضة، ورسالة الأمل، وقصة التاريخ والحاضر والمستقبل.
كاتب رأي