قراءة في أذهان المفكرين

قراءة في أذهان المفكرين
كلما انهمك الإنسان في الإنتاج المعرفي تولدت لديه الأفكار والنظريات هذا بطبيعة الحال يساعده على نشر أفكاره ومقترحاته على نحو واسع سواء بالبحث والتأليف أو بالتجريب والكتابة بالتالي تمنحه ثقلاً ومكانةً عالية.
إذن: المفكر هو الشخص الذي يقوم بتفعيل العقل وإعماله والإتيان بجديد لحل المشكلات ، وتفكيك القضايا العالقة التي تتطلب تواجد ذهنية نافعة للبشرية.
إن استدعاء الحلول وتوليدها عن طريق الذاكرة أمر معقد تتشابك خيوطه عند عامة الناس ، لكن المفكرين لهم رأي آخر ، إنهم يعالجونها بطريقة مفيدة وجذابة ، أصيلة ومرنة يعتمدون فيها على الاستبصار بالعقل ، تفكيرهم قائم على الذكاء كما أن للبيئة دور آخر فيه ودرجة التعليم أيضا ، يمكنهم في كل موقف أو مأزق يواجههم أن يتعاملوا معه على نحو سهل وبسيط بعيدًا عن التراكيب أو التعقيدات.
يمتلك المفكرون قوة عقلية وطاقة ذهنية نادرة ، ويعيشون في تلك الدوامة التي لا تنتهي ولا تقل. عقولهم تعمل ليل نهار دون كلل، أحلامهم ، وطموحاتهم، وآمالهم جميعها مجتمعة في رحلة طويلة لا هبوط فيها ولا استكانة.
هؤلاء المفكرون بارعون في اكتشاف المعاني المخفية بإمكانهم رصد التفاصيل بدقة عالية وقراءة ما بين السطور ، هم في الحقيقة محققون ، يلاحظون كل الحركات وكل التحركات، يركزون على الألفاظ بشراهة عالية ، ولديهم نسبة الاحتمالات تفوق مستوى التفكير عند الناس الآخرين .
بإمكانهم تخيل واقع بديل في أذهانهم بصورة شمولية، تجدهم يحتملون كل العواقب وكل الاحتمالات.
آلة الزمن عندهم ليست مثل بقية الخلق ، يمتلكون عقولاً هي لوحدها تعتبر آلة تعمل بدقة مثل الساعة ، معاييرهم تكمن في الإيمان بالذات والقدرات ، يعيشون في صراعات مستمرة مع ما يرغبون وما يواجهون من تحديات، ولديهم توقعات تفوق الوصف، وتتعدى الآفاق ، كما أن لديهم القدرة على حل المشكلات والتغلب على الأزمات، ويحولون الجمود إلى حركية، والحركية إلى طاقة ، ينظرون في كل الزوايا ويطرقون كل الأبواب الفكرية، يستمرون في اقتناص الفرص إذا ما أرادوا البحث عن الحلول ، هم مدهشون للغاية عندما يتعلق الأمر بمستقبلهم ،تجد الواحد منهم يملك شهادة الدكتوراة ولا نعني بها الأكاديمية أو المهنية بل نعني قوة التذكر لكل شيء يمر بهم ، محادثات، رسائل ، اتصالات ،تعاملات كلها تتكرر في أذهانهم ، يتميزون بذاكرة قوية وتحليلية في نفس الوقت ، يشرعون دائمًا في تفكيك الفرضيات والغموض الذي يكتنف المسائل التي تطرح أمامهم ، يستعملون أدوات تميزهم عن غيرهم، تجدهم يستعملون بكثرة ألفاظ هي لهم وليست لغيرهم يطرحون في تساؤلاتهم ماذا لو ، وأين وصلنا ، ومتى، وكيف ، وكان يجب
لديهم قدرة عجيبة في التفكير خاصة في الأخطاء التي مروا بها في أوقات سابقة ، بل أنهم يكونوا في أسوأ حالاتهم حال ضياع الفرص من أيديهم فيجعلونه درسًا يستمر معهم مدى الحياة.
لديهم فهم واسع عن المشاعر ، إنهم يستأثرون بالاحساس أكثر من غيرهم ويستحوذون على مقدار كبير من العاطفة ثم أنك تلحظ فيهم إدراك دقيق لما يقال من حولهم.
إن الأمم تتقدم بالإنسان ، والشعوب تتطور بالثقافة والبلدان تزدهر بالأفكار وتبقى أعمال المفكرين وأشغالهم علامة مسجلة بأسمائهم على مر التاريخ وتعاقب الحضارات، المفكرون هم صناع الطب والهندسة والكتابة والتدوين والتأليف والشعر والأدب ولا أعني الدارسين لها ، هناك من يحفظ وهناك من ينشئ ويوجد.
فمن يحفظ الفكرة ليس كمن يُنشِؤُها ويوجدها.
علينا أن نأخذ بالأسباب ونقوم بدعم المفكرين وتهيئة الأجواء الملائمة لهم ، فالأفكار تنظوي وتستظل تحت الإبداعية فإن وجدت لها طريقًا أو منفذًا بسيطًا انتقلت نحو الابتكارية في كل الفنون ومنها: فنون الصناعة والهندسة والعلوم الطبيعية والتقنية والارتقاء بالتعليم والاقتصاد والإدارة والصحة العامة.
ختامًا:
هناك تسع حقائق لو وجدتها فيك فاعلم أنك منهم وتنطبق عليك شروط المفكرين، وقتئذٍ يتعين عليك الانطلاق نحو الابتكارية وعدم التوقف.
أولها الأصالة والمرونة في الأفكار، وثانيها طرح الحلول بلا تعقيد، وثالثها تخيل الواقع البديل، أما الرابع فامتلاك الذاكرة التحليلية الواسعة القائمة على التركيز العالي مع الاستدامة في التفكير وعدم الاستكانة أو الإخبات، والخامسة استدعاء الأفكار بسرعة وتوليدها دون أن يشكل ذاك ضغطًا على الدماغ أو صعوبات ذهنية ، أما السادسة فهي القدرة الفائقة على إدارة التوقعات واكتشاف المعاني الخفية، السابعة الشعورية العالية والتحسس العاطفي نحو الأفكار لا الأشخاص ثم تأتي الفكرة ماقبل الأخيرة وهي اقتناص الفرص واستثمار الوقت وإعمال العقل حتى يكون كالساعة في حركتها، وآخرها تحويل الجمود الفكري إلى حركية واسعة والنهوض بالنفس نحو تحقيق المستهدفات.
انتهى
علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي
رائد الحرف وإنتقائي المواضيع ابدعت في طرحك كعادتك مميز الأسلوب تمتلك حرف رصين عميق المعنى تثري العقول بأفكارك وسردك بارك الله في علمك ودام فكرك نوراً يشع في سماء صحيفتنا يُرى ضوئه ويلمع بريقه دائماً…. 👍
أ/ زايدة حقوي الإعلامية المميزة.
أرجو أن أكون عند حسن ظنكم ، كلماتكم تغرقني بالجميل وتدفعني للمزيد من العمل الكتابي الذي يلبي ذائقة القراء.
شكرًا لوصفك وجميل صنعك.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعادة الإعلامي المبدع الأستاذ علي المالكي
مقال عميق ومميز ورائع وجميل
وطرح موسع في تدفق مميز ورائع
وصدق الشاعر العربي الجميل المبدع
إيليا أبو ماضي وهو يقول عن هؤلاء :
هو من يعيش لغيره ويظنه
من ليس يعرفه يعيش لذاته !
كل الشكر والتقدير والاحترام
لكم على الرحلة الممتعة في عقول المفكرين
وإلى الأمام دائما وابدا …
أهلاً سعادة الدكتور سالم
كل مرة تزور صفحتي تزيدها جمالاً
مروركم مميز ومساندتكم لنا يعطينا حافزًا للمزيد من العمل المثمر.
المفكرون عملة نادرة ، وقطع ذهبية ثمينة لا يوجد مثلها في الكون.
لا يتواجدون في مجموعات بل يجب التفتيش عنهم والعناية بهم.
ألف ألف شكر وممتن لك كثيرًا د/ سالم
لافض فوك كاتب الصحيفة المبدع 👍
إنك تملك قدرة فريدة على التعبير عن ما يدور في عقول أولئك الذين لا يتوقفون عن السعي وراء أحلامهم .
أنت تلتقط جوهر الإرادة والطموح من خلال كلماتك ، وتحيي فينا صورة للروح التي لا تكل ولا تمل في مسعاها . عقلية نادرة وطاقة ذهنية متجددة تظهر في كل حرف، وتبقي الأمل متقداً في قلوبنا ، ماشاء الله✋
و لقد أحسنت في تسليط الضوء على أولئك الذين يعيشون في رحلة لا نهاية لها من السعي والنمو ، وهكذا دائماً تسهم في تحفيزنا للتطلع نحو الأفضل👍
أنتم كذلك سعادة مديرة التحرير تتقدون فكرًا وتتألقون تحليلاً وتفسيرا.
مروركم يدعمنا للمزيد من الكتابة.
شكرًا جزيلا أ/ ابتسام