في كهوفِ الروحِ أشباحٌ

✍️ بقلم: صباح أحمد العمري
في كهوفِ الروحِ أشباحٌ
——————-
ليس شرطًا أن تكون الأشباح أرواحًا شريرة تهيم في الفراغ، فقد تكون كيانًا آخر لا نراه، يسكنُ دواخلنا.
إنها تلك المخاوف التي تتسلل إلى زوايا العقل، وتتغلغل في كوامن القلب، فتترصدنا كلمّا هممنا بالخروج من كهوف الوحشة.
ما إن نخطو نحو الحياة، حتى تطلّ هذه الأشباح بوجوهها القبيحة، تصرخ في وجه خطواتنا، فتجعل الأقدام حائرة، والعزائم ضعيفة خائفة، والأرواح مترددة في مواصلة السير!
فنعود إلى مخابئنا الداخلية، إلى أقفاص الخوف التي صنعناها بأيدينا، ونوهم أنفسنا أنها الأمان، بينما هي سجن أضعنا مفاتيحه!
هذه الأشباح لا تكتفي بترويعنا من المستقبل، بل تجرُّ معها صورًا باهتة من ماضٍ ثقيل، يعلوها الغبار والمرارة.
تستدعي لحظات الفشل والإخفاق، وتعيدُ بثها في عقولنا كأنها حقيقة أبدية، فتشوّه أحلامنا وتطمس آمالنا، ثم ترقصُ في نشوةٍ جامحة على حطام قلوبنا!
لكن الحقيقة التي كثيرًا ما نتجاهلها هي أن الحياة لن تتوقف منتظرةً رحيل تلك الأشباح.
لن تقترب لتربت على أكتافنا بلطف، ولن تمدّ يد العون ما لم نمدّ نحن أيدينا لمساعدة أنفسنا.
هي تطلب منا همة الانتفاض، أن نُخرج رؤوسنا من فوهة القلق، لنبصر خيوط النور، ونتمسك بالحياة كما يتمسك الغريق بخشبة النجاة.
فحين نقرر أن نواجه، أن نرى الوهم كما هو، سيتلاشى كثير من الرعب الذي كان يحاصرنا.
وحين تزهر أرواحنا، تُبعث الحياة في مستقبلنا.
وحين نحسن الإبحار، نخترق أمواج الخوف، ونصل بإصرار إلى شواطئ الطمأنينة، حيث الهدوء الداخلي، والسلام العميق الذي لا تمنحه الظروف، بل تمنحه النفسُ لنفسها.
ومضة:
أقسى مافي الخوف، أن نظنه واقعًا، بينما هو ظلُّ وهم صنعناه بأيدينا!
وأجمل ما في الشجاعة، أنها تبدأ من الداخل، من قرارٍ صغير بأن لا نعود للظلام.
كاتبة رأي
تعبير عميق عن تأثير اوهام الخوف على حياتنا، ووصف دقيق لهيمنتها على العقل إذا غاب الوعي بها.
أقسى مافي الخوف، أن نظنه واقعًا، بينما هو ظلُّ وهم صنعناه بأيدينا!
سلم قلمك