كُتاب الرأي

في الطريق إلى العمل

 

الحركة في طلب الرزق وتوفير الاحتياجات الضرورية والأساسية للكائن الحي هي جزء من تكوينه وتركيبه الفسيولوجي ، وهي استجابة طبيعية فطرية لما غرسه الله تعالى فيه ؛ وتبقى تلك الحركة الدؤوبة في ميادين الحياة الواسعة والمختلفة مؤشراً ودليلاً على أنه من الكائنات والمخلوقات والعوالم الحية.

يتنفس الصبح وتطير الطيور لأرزاقها ، وتمشي بقية الكائنات والمخلوقات الحية في طلب الأرزاق والإشباع من تلك النعم التي أعدها الله تعالى لها ، في الأنهار الجارية، والبحار الواسعة والشاسعة، وفي البراري والصحاري والقفار وفي الغابات الواحات ؛ وفي حركتها لطلب المعيشة وتوفير أرزاقها يقين بأن تلك الأرزاق والأقوات المضروبة محفوظة لها ومضمونة بضمانة الله تعالى فهي لذلك تسعى !

كذلك الحركة في طريق العمل للإنسان ؛ فهي تمثل عن كونه من الكائنات والمخلوقات والعوالم الحية بل هو سيد تلك الكائنات والمخلوقات والعوالم الحية ، على قدر قدراته وطاقاته ومواهبه وملكاته فهو يتعلم منها الإصرار والمثابرة والكدح والعمل المضني والصبر والمصابر والمجاهدة والتحمل.
وكم أعطت أسراب النمل في الأرض ؟ وأسراب النحل السارحة الغادية إلى السفوح من بطون الأودية وأعالي ذرى الجبال وغيرها من الكائنات والمخلوقات والعوالم الحية من الدروس والعظات والتجارب والخبرات لبني البشر جميعاً ؟!.

إن من أوائل درجات العمل هو الإعداد والاستعداد والتهيئة للعمل فهو اللبنة الأولى ، والخطوة الأولى ، والقوة و الإنطلاق الأول ! وعندما يكون الإنسان الحقيقي على مستوى من الفهم والوعي والإدراك بالغاية والمقصد من وراء هذ العمل !
كان الإستعداد الكامل والروح والعطاء والبذل والتضحية والإيجابية من أبجديات طريقه نحو حياته العملية اليومية!.

فالزوجة الصالحة الكريمة الحبيبة التي تفهم أن الغاية من خدمة زوجها وبيتها وأولادها هي طاعة لله تعالى والأجر والثواب العظيم منه ، وهذا الخدمة طريق سعادتها وسرورها وراحتها في الدنيا قبل الآخرة ؛ هانت عليها كل الصعوبات والتحديات والعقبات ، بل ووجدت في الآلام والتعب الراحة والطمأنينة والسعادة والسرور والبهجة!.

الزوج الصالح المبارك الذي يفهم كذلك أن ما يقوم به من جهود كبيرة وعظيمة ، وما يشق عليه أحياناً من الوصول إليه ، وما يدفعه من الغالي والنفيس يجده عند ربه في الدنيا والآخرة ، أجراً ومثوبةً ، ومغفرة ورحمة وسعادة في الدارين ؛ فسوف يضاعف تلك الجهود والطاقات حتى يسعد أهله وبيته وذريته وأقاربه وأصحابه أجمعين !.

الموظف المميز الذي يعرف جيداً أن عليه في الطريق إلى عمله أن يحدد أهدافه ومقاصده من وراء عمله وجهده ،
وأن يعرف كل الواجبات المطلوبة منه ، وأن يعمل على تحقيق تلك الواجبات والأعمال ، هذا الذي يجد المتعة والسعادة في حياته العملية.

في الطريق إلى العمل يقول مدير إدارة من الإدارات :
في بداية الساعة المباركة الأولى من الدوام نعمل جولة تحية وسلام على أكبر عدد من الأقسام والموظفين ، وبعد صلاة الظهر مباشرة نعمل الجولة الثانية لبقية الأقسام والموظفين ، ويتم تبديل الزيارات في اليوم التالي !

وهكذا نشعر الموظفين بالقرب منهم وكذلك نجتهد في دعمهم ومساندتهم وتشجيعهم على العمل المتقن والمحترف، ونضع أمام البوابة الداخلية للإدارة صورة كبيرة لموظف الشهر المثالي المميز والمبدع !.

في الطريق إلى العمل تتنوع أساليب وطرق المحافظة على الجودة فيه ؛ وتقديم أفضل الخدمات وأحسن المنتجات للمستهدفين من طلاب الخدمات والمنتجات ، وتبقى قناعات العاملين الفاعلين الإيجابية الطيبة أو السلبية في تسويق الخدمات والمنتجات هي السر الرئيس في النجاح والتفوق والتميز أو الفشل والتراجع .

لذلك عندما تسأل الحارس أو المدير أو الموظف أو الطالب أو المعلم أو الزوجة أو المعلمة أو الموظفة أو العامل البسيط هل ما تقومون به مهم أم لا ؟!
هل تعدون أنفسكم مهمين ؟! هل تشعرون بأهمية ما تقومون به من أعمال وأدوار ومسؤوليات ؟!.

إن الشعور بأهمية الدور الذي تقوم به يعد درجة عالية في إتقان العمل ، ودرجة عالية في محبة العمل ، ودرجة عالية نحو التطوير والتحسين الدائم والمستمر !.

بل وتقويم حقيقي في قبول طالبي الخدمة والمنتج
لهذه الأعمال المميزة والرائعة!.

في الطريق إلى العمل لا بد من صناعة حبنا لما نعمل ! وما نقدم من خدمات ومنتجات مميزة ورائعة وإنجازات كبيرة !!

نقول لا بد أن نحب ما نعمل ! ونسعد بما نعمل ! ونتشرف ونفتخر بما نقدم وننجز ونبدع كذلك !

في جميع أعمالنا ووظائفنا وأقوالنا ! الزوجات الكريمات الكيسات في البيوت يجب أن يحببن ما يعملن ! الأزواج الأفاضل يجب أن يحبوا ما يعملوا ويديروا !
الموظفون في ووظائفهم وأعمالهم المختلفة والمتباينة يجب أن يحبوا ما يعملوا وأن يتركوا أثراً جميلاً في طريق عملهم !

المعلمون والمعلمات في مدارسهم ومؤسساتهم التربوية والتعليمية عليهم أن يحبوا ما يعملوا ويفتخروا بذلك !
الطلاب والطالبات في فصولهم ومدارسهم عليهم أن يحبوا معلميهم ومدارسهم الجميلة والرائعة !

تبقى بصماتنا وآثارنا في الطريق إلى العمل لها جمال اللون وجمال الطعم وجمال الرائحة وجمال الأثر الكبير.
كالعمل بروح الفريق في أسراب النمل ؛ ونوعية الإنتاجية التي فيها شفاء للناس جميعاً كما يعلمنا أسراب النحل ! .

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى