فوا أسفا

ابتسام عبدالعزيز الجبرين
فوا أسفا
في زوايا القلب ، حيث تتقاطع أصداء الحياة مع صمت الذكريات، يوجد صوت ضائع ، طيف يصرخ في الخفاء ، ويهتف بصوت هادئ ولكنه مليء بالحزن ، يقول : “فوا أسفا”.
هذه الكلمات ليست مجرد تعبير عن الأسى ، بل هي مرثية لشيء مفقود ، شيء انتهى دون أن نعرف متى وكيف ، ولكننا نشعر بفراغه في كل لحظة.
“فوا أسفا” ليست كلمة جديدة، بل هي الصرخة التي يطلقها الإنسان حين يتساقط كل شيء من بين يديه ، حين يكتشف أنه قد تأخر جدا ليعبر عن مشاعره ، . “فوا أسفا” هي تلك اللحظة التي ينكسر فيها الزمن وتنفجر الجروح التي لم تشفى بعد.
كل منا يمتلك لحظة تائهة في أفق الندم، لحظة نرجع فيها لمرآة الزمن، ونقول: “لو كان لي أن أعود…”. ولكن، هل هناك عودة؟ هل يمكن أن نحمل الأيام على أكتافنا ونسير نحو ماضٍ لم يعد موجودا ؟!
وهل هناك من يشعر بقوة تلك الكلمات غير الذين ذاقوا طعم الفقد والخيبة ؟
الفقد لا يأتي دائمًا بشكل ملموس، بل يتسلل في تفاصيل الحياة اليومية.
قد يكون فقدا لحلم قديم لم يتحقق، أو لفرصة مرت أمامنا بينما كنا مشغولين بمشاكل لم تكن تهمنا. ، قد يكون فقداً لأصدقاء ابتعدوا دون أن نعرف السبب ، أو .. أو … الخ
وهنا يأتي السؤال : هل الحياة تأخذ منا شيء ثم تعيد لنا شيء آخر ؟
أم أن اللحظات التي نعيشها تظل ناقصة ، كأنها قطعة من لغز لم نتمكن من حله؟
“فوا أسفا” هي تعبير عن حالة من النضج الذي يأتي بعد أن ندرك أن الكثير من الأشياء لن تتكرر .
ولكن ماذا لو كانت تلك الأشياء هي التي تشكل جزءا من هويتنا ؟ كيف نحتمل فكرة أن الزمن يمضي، وأننا عاجزون عن الإمساك به ؟
ليس من السهل على الإنسان تقبل فكرة أن الزمن لا يعود. ولكنه ، في النهاية ، يتعلم كيف يعيش مع الذكريات.
هذه الذكريات تتشكل في العقول كصور غير مكتملة ، كأنها أجزاء من لوحة فنية تركها الزمن دون أن يكتمل رسمها.
ومن خلال “فوا أسفا”، نجد أنفسنا مجددا في مواجهة مع أسئلة لا جواب لها. هل نحن في الحقيقة نعيش الحاضر كما ينبغي ، أم أن أرواحنا معلقة في خيوط الماضي ؟ هل نحن نعيش حياة مليئة بالأمل والفرص ، أم أننا أسرى لأخطائنا الماضية ؟
قد تكون هذه الكلمات بمثابة دعوة للتصالح مع الماضي ، لاحتضان الندم وليس كسره. “فوا أسفا” ليست نهاية ، بل هي بداية لرحلة جديدة ، ربما نبدأ فيها أخيرا ، رحلة أن نعيش اللحظة، نقدر ما لدينا، ونقول ما في قلوبنا في الوقت المناسب.
وفي النهاية ، “فوا أسفا” هي ليس مجرد صرخة حزن ، بل هي أيضا محاولة لفهم معنى الحياة وقيمتها. لعلها تذكرنا بأنه لا يوجد وقت مبكر جدا ، ولا وقت متأخر جدا، لنعيش ونحب ونعبر عما في قلوبنا.
“فوا أسفا” ليست كلمة، بل هي قصة، والقصة لم و لن تنتهي أبدا .
نائبة رئيس التحرير
ا. ابتسام اكثر من رائع دائما متألقة بما تخط اناملك الذهبية ❤️
رائع استاذة ابتسام👍
لافض فوك أ. إبتسام مقال مميز
رائع استاذة ابتسام 👍
بارك الله نبض قلمك
أستاذة ابتسام
رائعة دوما