كُتاب الرأي

مهرجانات الصيف.. تخطيط أم تنافس؟”

 

مهرجانات الصيف.. تخطيط أم تنافس؟”

مع كل موسم صيف، تتحوّل مدن المملكة العربية السعودية إلى مسارح مفتوحة للفعاليات والمهرجانات المتنوعة، التي تُنظّم في الساحات العامة، والمنتزهات، والمجمعات التجارية، وحتى على الشواطئ. تنوّع الفعاليات من حفلات فنية إلى معارض تراثية وألعاب نارية وعروض مسرحية يعكس بلا شك زخمًا سياحيًا وترفيهيًا متزايدًا، لكن يظل السؤال الأهم: هل ما نشهده ناتج عن تخطيط محكم واستراتيجية موحدة؟ أم أننا أمام تنافس مناطقي يفتقر أحيانًا للتكامل والجودة؟

الكثير من هذه المهرجانات تنجح في جذب الزوّار، وتساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل موسمية، إلا أن التفاوت في جودة التنظيم من مدينة لأخرى يكشف غياب التنسيق أحيانًا، أو ضعف الاستعداد المسبق في بعض الحالات. هناك مدن بدأت الصيف مبكرًا بخطط مدروسة وبرامج جذابة، بينما أخرى ما زالت تسابق الزمن لتلحق بركب الفعاليات.

وفي ظل هذا التفاوت، يظهر التنافس بين المدن كعامل مؤثر، لكنه ليس دائمًا تنافسًا إيجابيًا. بعض المهرجانات تتكرر بنفس الفكرة والمضمون، مع اختلاف بسيط في المكان فقط. وهنا تضيع الهوية المحلية، وتفقد التجربة معناها. بينما المطلوب أن تحمل كل مدينة طابعها، وتقدم ما يعكس ثقافتها وخصوصيتها، دون اللجوء إلى التقليد أو التكرار.

من جهة أخرى، أثبتت فعاليات “موسم الرياض” و”موسم جدة” وغيرها من المبادرات الكبرى أن النجاح الحقيقي يبدأ من التخطيط، ومن فهم الجمهور، ومن إشراك القطاع الخاص، والتسويق الاحترافي، والاستفادة من التقنية. وهذه النماذج يمكن تعميمها وتكييفها بحسب طبيعة كل منطقة.

الرسالة اليوم واضحة: المهرجانات الصيفية ليست مجرد ترفيه، بل رافد اقتصادي وثقافي وسياحي، وساحة لإبراز الهوية الوطنية بطريقة حديثة وجاذبة.

الرهان ليس فقط على كثرة الفعاليات، بل على نوعيتها، وعلى عمق أثرها، وعلى قدرة المدن على أن تتحول من مستهلكة للأفكار إلى صانعة للتجارب. والسؤال الذي يجب أن يُطرح داخل كل أمانة وقطاع سياحي: ماذا سنقدّم هذا الصيف؟ ولماذا سيختار الناس مدينتنا دون غيرها؟

فحين تكون البداية سؤالًا حقيقيًا، تكون النتيجة حتمًا فعالية تستحق الحضور.

بقلم أ / تركي عبدالرحمن البلادي

 

 

تركي عبدالرحمن البلادي

كاتب رأي وباحث تربوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى