كُتاب الرأي

فعالية رياضية في عنيزة: دروس في الأخلاق والتحفيز

سويعد الصبحي

 

فعالية رياضية في عنيزة: دروس في الأخلاق والتحفيز

قبل عامين كنت من بين المدعوين لحضور فعالية رياضية سنوية في محافظة عنيزة بمنطقة القصيم. 

كانت الأجواء جميلة مليئة بالحماس والتفاعل والهدف من الفعالية كان نبيلًا: تحفيز المجتمع على ممارسة الرياضةوتعزيز الروح الرياضية.

انتهى الحفل بشكل أنيق حيث تم توزيع كراتين من الكليجة على المشاركين كنوع من التقدير القاعدة كانت واضحة: كرتون واحد لكل مشارك. لكن ما حدث بعد ذلك كان صادمًا بكل المقاييس.

أحد الحضور وهو شخصية معروفة في المجال الرياضي ويحمل شهادة عالية طلب من المنظمين الحصول على كرتون إضافي تم إبلاغه بلطف أن القاعدة تنص على كرتون واحد فقط. 

ومع ذلك لم يقتنع بل أخفى كرتونه الأول تحت الكرسي ثم توجّه إلى سيارة التوزيع وأخذ كرتونًا آخر وعاد مبتسمًا وكأنه أنجز شيئًا عظيماً.

هنا يتوقف المشهد ويبدأ التساؤل:

كيف يمكن لشخص يُفترض أن يكون قدوة في مجاله ويُشار إليه بالبنان أن يُخالف قاعدة بسيطة بهذه الطريقة؟

وإذا كان قد تهاون في موقف بسيط مثل هذا فكيف سيكون سلوكه إذا تولّى منصبًا عامًّا أو أُوكل إليه أمر أكبر؟

هذه الحادثة ليست مجرد موقف طريف أو بسيط، بل هي مرآة لما يمكن أن يحدث عندما تُغيب القيم عن السلوك. فعالية هدفها تعزيز الروح الرياضية تحوّلت في لحظة إلى اختبار أخلاقي… سقط فيه أحد النماذج التي يُفترض أن تكون مصدر إلهام.

إنّ القيم ليست شعارات نُردّدها في المحاضرات أو نُزين بها السير الذاتية بل هي مواقف تُختبر عندما لا يراك أحد أو عندما يكون بإمكانك أن تحصل على “شيء إضافي” دون أن يُمسكك أحد. 

الروح الرياضية ليست فقط في الملعب بل هي في احترام الدور والنظام والعدل حتى لو كان الحديث عن كرتون كليجة 

علينا جميعًا أن نتعلم من هذه القصة فالأخلاق لا تتجزأ والقدوة لا تُبنى بالشهادات أو الشهرة بل بالأمانة والصدق والنزاهة حتى في أبسط المواقف.

كاتب رأي وإعلامي 

 

سويعد محمد موسى الصبحي

كاتب رأي وإعلامي رياضي

‫3 تعليقات

  1. أخي العزيز أبو سلطان
    كلماتك الراقية وسام أعتز به وشهادتك تعني لي الكثير
    سعيد أن المقال وصل إلى عمق المعنى الذي قصدته فالأخلاق تظل حجر الأساس في كل نجاح فردي أو جماعي.
    شكري وامتناني لك على دعمك الدائم وتشجيعك الكريم.

    محبكم:
    سويعد محمد موسى الصبحي

  2. الأخ الأستاذ العزيز / سويعد الصبحي
    تحية طيبة وبعد:

    مقالك يعكس بمهارة مشهدا بسيطًا لكنه يحمل في طياته درسا كبيرا في الأخلاق والنزاهة، وهو ما يستحق الإشادة والتقدير.

    لم تكتفِ بسرد القصة، بل استخدمتها كنقطة انطلاق لتحليل قضية جوهرية تتعلق بالقيم والسلوك الشخصي، وأثرهما على المجتمع.

    ما يميز مقالك هذا هو قدرتك على تحويل موقف عابر في فعالية رياضية إلى انعكاس واضح لحقيقة أوسع تتعلق بالمسؤولية الشخصية والقدوة.

    لقد نجحت بإمتياز في طرح تساؤلاتك المهمة حول مدى التزام الأفراد بالمبادئ عندما لا يكون هناك رقيب مباشر عليهم، مما يجعلنا نعيد النظر في مفهوم النزاهة الحقيقية.

    يحمل مقالك يا أبا أحمد رسالة تتجاوز الحدث نفسه، فهي دعوة مفتوحة لتعزيز ثقافة الالتزام والاحترام، سواء في المواقف الصغيرة أو في القضايا الكبيرة. وهذا ما يجعل المقال جديرا بالاهتمام، حيث لم يقتصر على الوصف، بل قدم تحليلًا عميقًا ودعوة صادقة للتأمل والتغيير.

    تحية كبيرة للكاتب الكبير الأستاذ سويعد على هذا الطرح المميز، الذي يعكس فهما عميقا لأهمية الأخلاق كجزء لا يتجزأ من نجاح الشخص والمجتمع.
    محبكم/ أبو سلطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى