كُتاب الرأي

فضلاً… أقبلوا أنفسكم كما هي !

 

 

ما أجمل أن ينظر الإنسان في المرآة كل يوم ويردد دائماً وأبداً: الحمد لله رب العالمين ، الذي جمّل الصورة ! وأحسن المنظر والقامة ! وأكمل الفضل النعم ! وأعطى وأغنى ! وتفضل وتكرم علينا بالصحة والسلامة والعافية والسكينة والراحة!

هذا الجسم وهذه الصورة وهذه الهيئة الحسنة الطيبة لك أيها الإنسان من النعم الكبرى والفضائل العليا التي منّ الله تعالى بها عليك ، وعلى غيرك من المخلوقات والموجودات والكائنات الحية الصغيرة والكبيرة .

الكيس الفطن اللبيب يدرك أن الهبة التي وهبه الله تعالى إيّاها هي هبة كبرى ! ونعمة عظمى ! فعليه أن يقف على ذلك ! ويتعرف على تلك الملكات والطاقات والقدرات والمواهب الجميلة التي أعطاها الله تعالى له ومنحه إيّاها !.

بعض الناس يقع في بعض الأخطاء والحماقات والإنكسارات الطبيعية فيكره تلك الحماقات والإنكسارات وهؤلاء هم الأسوياء من الناس ! لكن بعضهم يخلط ما بين نفسه العزيزة والحبيبة والإنكسارات والأخطاء التي وقعت ! فعندما يكره يقول بلسان حاله ومقاله : أنا أكره نفسي ! أنا لا أحب نفسي ! وكما الأقوال تقول ذلك ! فالأفعال والأعمال تؤيد وتأكد ذلك في الواقع المشاهد !.

الأخطاء والحماقات والهنات والمشكلات التي تقع من الإنسان ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً حقيقة هي جزء من طبيعة الإنسان ! كبشر ! جزء من أصله الترابي ! جزء من رحلة الحياة الإنسانية الجميلة الواعدة على ظهر كوكب الأرض الجميل !.

الفشل والاخفاق في مشروع من المشاريع لا يعني نهاية المطاف ! أو نهاية الدنيا كما يقال ! الخسارة لتجارة لا يعني نهاية قطار التجارة ! الفشل في التربية والتنشئة لبعض الأولاد من البنين والبنات لا يعني انتهوا تماماً !
وكذلك بقية الأنشطة والفعاليات في الحياة الإنسانية الجميلة!

الأصل الأصيل في الإنسان الخطأ والخوف والتردد والرهبة وعدم العلم ؛ لكن ذلك في حقيقته مرحلة من مراحل النمو والتطور والنضج ، وهو يتدرج في سلالم التجارب والخبرات ؛ وهو حقيقة طريق الإتقان والجودة والإحسان في جميع المهام والمسؤوليات والأدوار التي يقوم بها الإنسان !

وكلما تعددت تنوعت التجارب والوقائع والأحداث كلما اكتسب الإنسان المعلومات والمعارف والمهارات الحياتية الأساسية والضرورية ، وهذا هو سر النجاح والتفوق والتميز والإبداع عند كل الناجحين على ظهر كوكب الأرض الجميل !.

والحصول على النتائج والمخرجات التي لا يرضاها ، ولا يقبلها ، ولا يريد أن تكون في ملف أعماله الكاملة حقيقة نوع من الرفض التام للتعلم والتدريب والنمو ! بل رفض لقبول للنجاح نفسه ! لأن هذه التجارب والخبرات التي يراها فاشلة هي التي يجب أن يتعلم منها ويستفيد منها ! لا أن يقوم برفضها أو طردها من حياته !

إن الإنسان في سحائب نهاره ، وظلال ليله يتعلم ويتدرب ويكتسب المعلومات والمعارف والمهارات الحياتية الطويلة والقصيرة ، ويساعد نفسه على التكوين والتشكيل والصعود إلى مدراج الكمال الإنسان ! فعليه أن يتصالح مع نفسه ! عليه أن يرضى بما منحه الله تعالى !

على العقلاء والفضلاء الأكياس أن يقبلوا أنفسهم كما هي ! أن يتصالحوا مع أنفسهم في كل مراحل ومحطات الحياة المختلفة والمتباينة ! وأن يتعلموا ويتدربوا ويتثقفوا ، ويكثروا من المحاولات في كل المجالات الحياتية ! وأن يعلموا أن سبل السعادة والتفاؤل والسرور والفرح والأمل والنجاح في الحياة الدنيا تمر بهذه المراحل والمحطات من الصعود والهبوط والربح والخسارة ، والفشل والنجاح !

علينا أن نعلم أولادنا وأسرنا ومن نعول قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( واعلَمْ أنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ ، وأنَّ الفرَجَ مع الكرْبِ ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا…).

يقول الشاعر العربي الكبير
إيليا أبو ماضي :

قالَ قَومٌ إِنَّ المَحَبَّةَ إِثمٌ

وَيحَ بَعضِ النُفوسِ ما أَغباها !

إِنَّ نَفساً لَم يُشرِقِ الحُبُّ فيها

هِيَ نَفسٌ لَم تَدرِ ما مَعناها

أَنا بِالحُبِّ قَد وَصَلتُ إِلى
نَفسي ! وَبِالحُبِّ قَد عَرَفتُ اللَهَ !

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى