كُتاب الرأي

فرحة تحولت لألم لا يُحتمل

فرحة تحولت لألم لا يُحتمل

روان الوذيناني

في ذلك المساء، حيث كانت السماء تنتظر أن تحتضن ضحكات بريئة وتحتفل بلحظة فرح تُسجّل في صفحات الحياة، ارتسمت على الوجوه ابتسامات لا تعرف الخوف، وأرواح لم تُدرك بعد أن القدر قد يحمل لها قسوة لا توصف. خرجن من بيوتهنّ، يحملن بين أيديهن أحلامًا صغيرة، وأماني لا تزن شيئًا أمام ما كان ينتظرهن خلف تلك الحبال الضعيفة التي لم تُبْلَ في صونهن، ولم تُحِمْهنّ من مصير مظلم.

ركبن الأرجوحة بقلوبٍ مفعمة بالبراءة، لا يعشن سوى في عالمٍ يحكمه الأمل والفرح، غير مدركات أن السلامة قد غابت من ذلك المكان، وأن الإهمال قد استشرى كما السرطان في عظام المكان، حتى انفجرت تلك اللحظة التي تحولت فيها الضحكات إلى صرخات، والأحلام إلى صدى ألمٍ يتردد في أرجاء الجبل الأخضر.

أي قلبٍ يحتمل هذه الصدمة؟
وأي عينٍ تستطيع أن تمنع دمعةً من الانهمار حين ترى براءة تغادر الحياة على يد إهمال بشري؟
أين ضمير من تولى أمر السلامة؟
وأين أمانة من وعد بحماية الأرواح؟
هل كانت الحياة تُباع بثمن بخس، وكانت الضحكات تُشترى بأمان واهٍ؟

حسبي الله على مالك الملاهي، الذي باع فرحة البنات بثمن لا يساوي دمعة أمٍ مفجوعة، والذي فتح أبواب الموت وهو يضحك على أرواح لا تقدر بثمن.
حسبي الله على كل من غفل أو تهاون، على من وضع أرباحه فوق أرواح البراءة، وترك الضحايا يودعون الحياة في صمتٍ قاتل.

في الجبل الأخضر، لم تسقط أجساد فقط، بل سقط عهد الأمان، وتكسرت ثقة الناس في كل ما هو مقدس من حق الحياة والحماية.
ولن نسمح أن تكون هذه المأساة صمتًا يُدفن في ركام النسيان، بل سنجعل منها شعلة تُحرّك القلوب، وتوقظ الضمائر، وتطالب بالعدل والمحاسبة.

رحم الله من ارتفعت أرواحهنّ، وأسكنهن فسيح جناته، وطيب ثراهن،
وشفى من أصيبت وكتب لها الشفاء، وملأ قلبها بالسكينة،
وألهم ذويهن الصبر والسلوان، ورفع قدركن عند الله يا زهرة العمر التي لم تذبل إلا في أيدٍ غادرة.

نحن اليوم، لا نملك سوى الدعاء، وصوت الحق الذي يصدح في وجه الظلم، والدموع التي لا تكف عن النزول، لكننا نعد بأن نكون سلاح الأمل، ونقف بوجه كل من يسعى لاستباحة الحياة أو التفريط في سلامتها.

لن ننسى، ولن نهدأ، ولن نغفر لمن استهان بأرواح البنات، ولن نرضى إلا بحياة تُحترم فيها البراءة، وأمان يحمي كل لحظة فرح، وكل نفس بريء.

هذه ليست نهاية الحكاية، بل بداية نضال من أجل حق الحياة، من أجل أن لا يُزهق فرح بريء مرة أخرى، من أجل أن يصبح الألم درسًا يُعلّم، وليس مأساة تُكرر.

كاتبة رأي

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى