(فتح وحماس .. وخشية ضياع القضية )

تواكب التصريحات الترامبية التي أربكت العالم منذ تسلمه منصب الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية ، والتسويق الذي يمارسه فريقه السياسي حالياً لتلك التصريحات والافكار ، مع الليكود الصهيوني ، والصقور في الحزب الجمهوري ، وخاصة فيما يتعلق بالشرق الاوسط خشيةٍ بالغةٍ مما قد تسببه رغم مقابلتها بالرفض الاقليمي والدولي .
ولعل الخشية هنا تتعلق بأمرين قد يصاحبا هذه الأفكار التي كما أشرت أربكت العالم ، وربما تذهب بعيداً في تقوض حل الدولتين بالذات عندما يتطور الأمر ، وتتشابك الخطط ، وتتعثر المساعي في اعادة ترامب وافكاره لجادة الصواب من أجل حل القضية الفلسطينية .
والخشية هنا حسب تحليلي قد تتمثل في محورين ، أو أحدهما مما قد يزيد الوضع إرباكاً وتعقيدا ، وهما كالتالي :
المحور الاول :
أن تكون هذه الافكار الترامبية مقدمة لأحداث مستقبلية تتعلق بالوضع في منطقة الشرق الاوسط ، وهذه توطئة لها ، ودون أن يعلن عنها ، وتختفي خلف أفكار ترامب الذي يتعامل مع الأحداث بمنظور يختلف عن رؤساء امريكا السابقين ذوي الخلفية السياسية الطويلة وتفتقر لهذا الجانب الذي قد يخلق أزمات وحروب إقليمية في المنطقة .
المحور الثاني :
ايجاد وتوظيف من يتقبل أفكار ترامب حول غزة تحديداً ، ويتبنى ذلك على أن يبدأ التقبل بأفكار مجتزئة أو بسيطة ، وتكبر رويداً رويدا ، وتكون تلك الجهة من عناصر فلسطينية يُزج بها من قبل اسرائيل أو امريكا ، وتجهز بنوعٍ من المثالية ، وكداعيةٍ لتقبل السلام الذي يحمي الفلسطينيين من القتل والتدمير كما حدث في غزة مؤخراً ، ويُزرعون في الوسط الفلسطيني ، وتُهيأ لهم كل فرص النجاح حتى تكتمل عمالتهم بذرائع مختلفة ، وبالتالي ينفذون هذه الخطط المدمرة لغزة والضفة والقضية الفلسطينية بشكل عام.
وفي هذا المحور الثاني تحديداً يكمن الخطر ، وقد يكون الأقرب في التنفيذ لما يملكه كلا الطرفين الامريكي والاسرائيلي من قدرات فائقة في توظيف العملاء ، والعناصر التي قد يُعتمد عليها في تنفيذ هذه الأجندة المستحدثة في تمييع القضية الفلسطينية .
أنه من الخطورة أن تجد هاتين الدولتين من ينفذ كما أشرت هذه الرؤية المدمرة للقضية الفلسطينية ، وبالتالي توجد الانقسامات وتفتُت القضية ، ويدخل في ذلك جوانب إغرائية كثيفة وعلى أصعدة مختلفة قد تؤدي بالكثير من إظهار الموافقة على قبول أفكار ترامب ، ومن يُوكل اليه بتنفيذ هذا المخطط من العملاء الفلسطينيين الذين يتقبلون هذه الرؤية كما أشرت ، ولعل ما يحدث من إظهار موافقاتهم ينحصر في فئة الشباب الذي قد تُمارس عليهم إغراءات أكثر ، ويدخل في هذا الجانب منحهم تعهدات مجزية مالية ومعنوية وخلافها ، وتكون ذات مسوغات هادفة ومدروسة وفي نفس الوقت مقنعةٍ لتبني مغادرة غزة ، وهنا ربما تكون امريكا كخيار إغرائي أولي لهذه الفئة المستهدفة من الشباب ليتمكن الجانبين من تنفيذها ، واختراق حاجز الرفض الفلسطيني والعربي والدولي .
ويبقى الأمل معقوداً على أهله ، في تغيير خطط ترامب المربكة ، ومن المتأمل في ظل هذه التصريحات المتسارعة أن يكون الدور السعودي في هذا الجانب مؤثراً ، ويعطي نتائج مثمرة في تغيير هذا النهج ، وقد يمثل الدور المصري والاردني أيضاً إضافة عالية في هذا السياق الذي نأمل أن تصب نتائجه في إعادة وضع القضية الفلسطينية على طاولة الحوار ، وأن تمارس امريكا الضغط على اسرائيل للقبول بالسلام وحل الدولتين ، وهذه النتائج المتوخاه في حل هذه القضية .
بقي أن نقول أن على الفلسطينيين ردم كل هوةٍ بينهم ، وترميم علاقتهم ببعض ، وتوحيد كلمتهم ، ومواجهة مصيرهم برؤيةٍ موحدةٍ ، وغير قابلة للإختراق ، وأن تحذر كل التشكيلات الفلسطينية من تضارب التوجهات ، وإختلاف الرؤى ، وأن تنأى حركة حماس ، وتبتعد عن ايران ، وخططها العقيمة التي لا تريد خيراً بالمنطقة ، وأن تعود هذه الحركة لصوت العقل ، وتلتئم مع السلطة التشريعية لفتح ، لتدارك ما يمكن تداركه ، ومن خلال الاتجاه في هذا النحو تستطيع الدول العربية ، وكذلك الدول الاسلامية ودول العالم الحر الوقوف بجانب هذه القضية ، ورفض أية سياسات تخرج الفلسطينيين من أرضهم ، شريطة التئام الجسم الفلسطيني كوحدةٍ واحدة ، ونبذ كل خلاف حتى أن تخرج القضية من عنق الزجاجة الذي تعيشه الان.
محمد سعد الربيعي
كاتب رأي