كُتاب الرأي
حقيقة الأمراض… بين المحنة والمنحة

حقيقة الأمراض… بين المحنة والمنحة
يعتاد الإنسان مع مرور سحائب نهاره وعسائس ليله على إقاع الحياة وألوانها من كمال الصحة والعافية في البدن والمال والأهل والولد ، وفي المنزل والمركب ، وفي الذهاب والإياب ! وربما غاب عنه توقع بعض الحوادث المؤلمة والأكدار المتعبة كالغموم والهموم والأوجاع والأسقام والأمراض .
الصحة والعافية حقيقة هي من القوى العظيمة والكبيرة والتي يمنحها الله تعالى لجميع المخلوقات والكائنات الحية ! حتى تقوم بأداء واجباتها وتوفير احتياجاتها الضرورية والاساسية من المطاعم والمشراب والمساكن ، والدفاع عن نفسها والقيام بأدوارها خير قيام !.
ووجود الإنسان الحقيقي الكريم على ظهر كوكب الأرض الجميل هو لعبادة الله تعالى وحده في جميع الأوقات والأحوال ، وفي إدبار الليل وقدوم النهار ! وإدبار. النهار وقدوم الليل ! ومن تلك العبادات السامية والعظيمة عبادة إعمار الأرض بالعمل الصالح ! وترك الأثر الطيب الجميل على جميع معالم ومناكب الأرض في الضواحي. والأودية والقرى والهجر والصحاري والغابات والسواحل وفوق أعالي الجبال !
وظهور المرض في حياة الإنسان لا شك أنه سيؤخره عن تحقيق تلك الأهداف والمقاصد من العبادات ! وذاك الإعمار والعمران في الأرض ! بل ربما أثر ذلك سلباً على عزيمته وهمته ! وكان له الأثر الأكبر على تحقيق تلك الأهداف والمقاصد ! وقد يتأخر عن تحقيق الإنجازات العظمى والكبرى في حياته !
لكن ! و مع كل ما يصاحب المرض من الخمول والكسل والتكاسل والرغبة في الدعة والسكون والوقوف عن عجلة العمل الدؤوب فإن للأمراض والأسقاع والأوجاع التي تصيب الإنسان الحكم الكبرى من الله تعالى !
وقد يكون في كثير منها الصحة والعافية! والمناعة الكاملة من الآفات والأمراض والأسقام والأوجاع!
وقد تصح أحياناً الأجسام والأبدان والنفوس والقلوب بالعلل ! كما. الشاعر العربي الجميل الطغرائي:
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ !
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ
فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ ؟!
وحقيقة الأمراض والأوجاع والأسقام والعلل التي تصيب الإنسان هي أدنى مراحل الضعف الإنساني ؛ والذي يتزود فيها الإنسان نفسه بالأجر والأجرة والمثوبة والصحة والعافية والقوة والمنعة !
وإن كان يظن أن مراحل الأمراض التي تصيبه هي النهايات العجيبة له ! وأنه قد ينتهي في أي لحظة من اللحظات القادمة في ليل أو نهار ! في صبح أو مساء !
يفهم الأكياس الفطناء وأصحاب الخير وأهله والعلماء وخلص الدعاة ! وأصحاب الأقلام والأفهام من الابتلاء بالأمراض والأوجاع والأسقام أنها :
أولاً : من خير العبادات والقربات عند الله تعالى لجميع من ابتلاهم واختبرهم الله تعالى.
ثانياً: هو الاختبار الحقيقي الكريم للمسلم الكريم ! وأنه المعيار النفسي والجسدي والفكري له !
ثالثاً: رتّب الله تعالى الأجور العظيمة والكبيرة للصابرين على تلك الاختبارات والامتحانات في الدنيا والآخرة.
رابعاً: ابتلى الله تعالى بها كل بني آدم عليه السلام
ولم يستثن أحداً من الخلق عدا إبليس العين !
خامساً: أثنى الله تعالى في لقرآن الكريم على الصابرين والصابرات وأنهم يوفون أجورهم يوم القيامة بغير حساب .
سادساً: حقيقة تلك الأمراض والأوجاع والأسقام أنها منحة ومحنة ومحطة في محطات الحياة الجميلة ومرحلة يمر عليها الناس جميعاً .
سابعاً: وحقيقتها كذلك أنها بمثابة الدورة التنشيطية للإنسان ؛ وبرنامجا مكثفاً أحيانا له !
ثامناً: تعتبر الأوجاع والأسقام والأمراض من مصادر القوة بعد ذهابها. والشفاء. منها ! فالأجسام مع العلل تكتسب المناعة والقوة والتحصين ؛ فهي كالمصل للحياة ، وجرعة التطعيم القوية الفعالة ضد أوجاع الحياة .
تاسعاً: قرب الله تعالى من أصحاب الأمراض والأوجاع والأسقام والعلل فهو قريب منهم ، وهو عندهم كما ورد في الحديث ! والشفاء والعافية بيده. هو ! وهي قريبة منهم. فقط. ( أركض برجلك…).
عاشراً: الأمراض والأوجاع والأسقام تشعر العبد بحقيقته البشرية وحاجته وفقره إلى الله تعالى ! وكذلك تشعره بضعفه وقلة حيلته ؛ مهما علا شأنه المادي والمعنوي ! يبقى هو الفقير المسكين المحتاج إلى الله تعالى ليلاً ونهاراً ! وسراً وعلانية !
يقول شاعر العربية الكبير
أبو الطيب المتنبي :
خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ
في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ
لَعَلَّ عَتبَكَ مَحمودٌ عَواقِبُهُ
فَرُبَّما صَحَّتِ الأَجسامُ بِالعِلَلِ !!
جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب أبوعبد الرحمن دائما تبدعنا بكلماتك ونصائحك وتوجيهاتك 🌹✋
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
مساكم الله تعالى بالخيرات والمسرات والبركات والفل والكادي والياسمين
حياكم الله تعالى حبيبنا الغالي أبا مروان
شكرا لكم على مروركم الكريم والجميل
على المقال …
وجزاكم الله عن كلماتكم الجميلة خير الجزاء …
ووفقكم الله تعالى لما يحبه ويرضاه..