كُتاب الرأي

عُذراً : لديّ إيقاف خدمات !

عُذراً  :  لديّ   إيقاف خدمات  !

الحاجة  الشديدة  الماسّة  للحصول على المال  عند  الناس  ؛  لا  تقل  أهمية  عن  الحاجة  الشديدة  لإدارته  ! فما  فائدة  و جدوى   بذل  الجهود الكبيرة  والمتواصلة  في الحصول  على  المال   سواء  كان  ذلك المال   من الوظيفة  أو  من التجارة  أو  حتى  من  الميراث ؟!    ثم  انفاقه واهداره  بدون  فهم  أو  وعي  إدراك ،  في الكماليات  والمرفهات وربما  فيما  يعود بالضرر  على  الأجسام  والنفوس  والأعمار !!
بعض  الناس  يحسن  الحصول  على  الراتب  الطيب  الجميل  ؛ أو  الأرباح  الطيبة  من  التجارة   أو  يحسن  جمع  المستحقات  والإيجارات  لما   يملك  من  العقارات  والمحلات  !  ولكن  ذلك  المال  الطيب  الجميل المبارك   الذي   تعب  في  جمعه  لا  تكاد  تمر  عليه  الأيام  والليالي   في الشهر  الواحد  حتى  ينفقه  كله  ؛  ويقول   دائما وابدا   بلسانه  ولسان  حاله : هذه  الأموال   ما فيها  خير   !  قليلة  البركة   والخير  !!
والحقيقة  ربما  تكون   غير   ذلك  تماماً !  فالناس  جميعاَ  ينفقون  من  الأعمار   والأوقات  للحصول  على  المال  ! ويسعون   وسعهم  في  بذله  في سداد  المستحقات  عليهم !  من النفقات والمصروفات  الثابتة  أو  المتغيرة  !  ويبقى  بقية متبقية  يكون  منها   الطوارئ   والإدخار   !
لكن   بعضهم   ربما   لا  يعرف  أو   لا   يريد  أن  يعرف  الطرق والأساليب  المفيدة  والجديدة  التي  يمكن من  خلالها  التعرف  على  صور  إدارة المال  !  ومحاولة  الإلتزام  بالقوانين  الصارمة  والحازمة  لحفظ  وإدارة  المال لنفسه ولأسرته!
وفي مسابقة شديدة   للأعمار  والأوقات  يقرر   بعض  الناس  أن توفير  الاحتياجات الأساسية والضرورية لنفسه  ولأسرته الكريمة  لا   يكون  بجمع  المال  !  ولا  بالحرص   عليه  !  ولا  بالإدخار  ؛  وإنما  يكون   بالقرض  أو  السلف من  الناس أو  من  البنوك  ! المهم   لديهم   هو   الحصول على  المال  !
عدم   وجود  خطة  !  أو  التخطيط والتنظيم  لهذا  القرض  أو الدين  !  وعدم   التفكير  العميق   قبل  طلب  القرض  أو السلف  قد  يؤثر   سلباً  على  مجريات  حياته .
يعاني  بعض  الناس    من  ( إيقاف الخدمات  ) ؛  وحقيقة  الأمر  والموضوع   أن  ذلك  الإيقاف للخدمات  كان بسببه   هو !   فهو  المستحق   لذلك !   فالأمر  صدر  من جهة قضائية !   بسبب  عدم إيفائه  بحقوق  الآخرين المالية  ؛  والتهاون  الكامل   في  تلك  الحقوق  المالية –    رغم  المطالبات من الطرف المدعي   –   والتهرب  منه  ! من  الحضور  والسداد  لحقوق الناس  المالية   !
ولذلك   لا   سبيل لكل  من  عليه  إيقاف  الخدمات  في  القضايا  المالية   إلا   المبادرة   في  مراجعة الجهة القضائية أو السداد  لمستحقات  الآخرين   المالية  أو  المصالحة بينه وبين  الطرف الأول  المدعي   في تلك  القضايا   والطلبات !
بعض الناس  يجعل  من  ذلك  عذراً  وحجة  له  !  في  زيادة  التهاون  في  حقوق  الناس  الآخرين  !  وأكل أموالهم  وهضم  حقوقهم   المالية   عليه  !    والعذر   والحجة  لديه  موجودة  ومتوفرة   على  طرف  اللسان    : عُذراً  لديّ  إيقاف خدمات  !
حتى  وإن  كان  لديك  إيقاف  خدمات  فالمطلوب  منك  السداد  لجميع  المستحقات  المالية للآخرين  !  الذين  لديهم  حقوق  مالية  في ذمتك   أنت   !  وأموالهم  قد  أخذتها  واستفدت  منها  ،  ولم  تتجاسر   في السداد  والدفع  لهم !   والاعتذار   منهم   على  المماطلة  والتأخير  المقصود  !
قد  يكون  منشأ  كثير  من الأسباب والدواعي  لإيقاف الخدمات  المالية   عند  بعض  الناس والذين  صدرت    في حقهم  تلك  الأوامر   القضائية  :
اولاً: عدم  التقدير   الحقيقي  للحاجة  المادية  المالية للإنسان ! الذي   يقدم  على  تلك  الخطوات  في طلب القروض أو الديون.
ثانياً: عدم  وجود  خطة عملية تطبيقية تحدد  ما  يريد  من تلك  الأموال  ! وما  الأهداف والمقاصد  الحقيقية  وراءها؟!
ثالثاً: عادة  التعود  على  القروض الصغيرة والصغيرة ثم  الكبيرة  والضخمة  من  العادات السيئة جدا !
رابعاً: الكسل  والخمول واستسهال تلك الطرق والأساليب  للحصول على المال  المجاني .
خامساً: التهاون  المتعمد  عند  بعضهم  في  حقوق  الآخرين  المالية  .
سادساً: طبيعة  بعض  النفوس  البشرية   في خوض  معارك  الديون  والقروض  والسلف  وكأنها   الغنائم  الباردة  ! ويجد  بعضهم  نفسه  ويشعر  بها   في  هذا  المجال  ؛ في الشكاوى والمراجعات   والمحاكم!
سابعاً: طبيعة كثير  منا  الطيبة الجميلة الهادئة والخدومة أي التي تجتهد  في تقديم  الخدمات المادية والمعنوية  للناس أجمعين   الأقارب والأرحام والأصهار   وغيرهم  ! وقد  يتم استغلال   تلك  الصفات والسمات  الجميلة في طلب تقديم القروض والسلف  للآخرين ! أو الدخول في الشراكات غير  المدروسة  بطيبة وحسن  نية معهم  !
ثامناً: ضعف التوجيه والإرشاد الأسري والإعلامي  في التوعية والتثقيف   للجميع في  خطورة  أخذ  الأموال  بغير  حق  !   أو أخذها  بنية عدم  ردها  وإرجاعها  لأهلها ! وأن حقوق الناس عظيمة  وكبيرة  في الدنيا  والآخرة.
تاسعاً: عدم  إبراز  وإظهار  النماذج  التي سقطت في هذا  المجال  للناس !   حتى  يتعظوا  ويفهموا  ، ويقفوا  عند حدود طاقاتهم  وقدراتهم  المالية  الحقيقية .
عاشراً: ضعف  الوازع الديني  ، وعدم الشعور  بالمسؤولية  أمام الله تعالى   يوم  القيامة ، وأعتقاد   بعضهم  أنه بقدرته  وذكائه     قادر   على  الإفلات هنا  أو  هناك  من   يدي  الله  تعالى .

المصلح والمستشار الأسري

د. سالم  بن رزيق بن عوض

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى