( عودة سوريا للحضن العربي )

من المؤكد أن القيادة السورية تعلم ما يحيط بها من مؤامرات خارجية ، وهي كثيرة ومتلازمة ، ولكن أخطرها ما يخطط له نظام طهران الارهابي ، وكذلك النظام العراقي الشيعي ، والذي يعد الآن أحد أكبر الذيول الايرانية في المنطقة .
ما يحيق بالثورة السورية كثير ، وخلاف المخاوف الخارجية التي أشرت لها ، هناك مخاوف داخلية لاتزال تصر على محاولة الوقوف في وجه هذه الثورة التي خلصت الشعب السوري من نظام الأسد البائد ، ولعل منها بقايا اللاذقية وطرطوس ، من العلويين المتنفذين في السلطة سابقاً ، وهم من ولغوا في الدم السوري السني البريء، سواء كانوا عسكريين ، أو مرتبطين بالنظام بأشكال أخرى ، وهناك أيضاً الدروز وهم من أيضاً ربما يستقوون بالخارج وبالتحديد من اسرائيل ، ناهيك عن قسد الكردية ، التي تقاوم التدخلات التركية ، ولديها نوايا انفصال جزئي عن الدولة السورية الحديثة.
كل هذه التداعيات قد تعيق ترتيبات الوضع الداخلي السوري ، وهو ما يجب الأخذ بها بعين الاعتبار من القيادة السورية الجديدة ، وهو ما أتوقعه أيضاً ، وخاصة من نظام ايران ، ونظام بغداد ، الذين يعدون العدة في محاولة العودة لدمشق ، وإثارة الزوابع فيها تمهيداً لتدخل المليشيات الارهابية المدعومة من هذين النظامين الارهابيين .
بالطبع سيختبئ أو يكمن هذين النظامين لفترة بيات شتوي قبل الشروع في تنفيذ مخططهما تجاه دمشق ، وذلك لتغير نظام واشنطن من بايدن المتماهي هو وحكومته مع نظام الملالي ، الى ترامب الذي يعد العدة لمحاسبة الملالي ، والمليشيات الشيعية الارهابية العراقية ، ومعها الحوثيين .
قد تجد ايران وذيولها في المنطقة أو توجد بعض الإختراقات التي تؤثر على القيادة السورية داخلياً بالرغم من تغير الحكم في واشنطن ، خاصة ولدى هذا النظام الخبرة في كيفية ادارة ذيوله لما يخدم مصالحه وتدخلاته الارهابية ، ومنها على سبيل المثال دعم الفئات أو العناصر الداخلية التي تناوئ قيادة سوريا الجديدة ، وهو ما يجب على هذه القيادة الجديدة في سوريا أن تمد يدها لدول المنطقة المعتدلة ، ولعل أقربها وأهمها لها في هذه الفترة ، وكذلك التي بعدها في بناء سوريا الجديدة هي المملكة العربية السعودية التي لن تألوا جهداً في مد يد العون لهذه القيادة حتى أن تقف على أرجلها ، وتستطيع ادارة قيادتها بعيدة عن المزايدات ، والإحتكاكات المغرضة التي لن تؤدي بالتالي لقيام سوريا الجديدة .
هناك تداعيات أخرى داخلية ، وهي تأخذ اهتماماً كبيراً الان في الساحة السورية ، ولا يجب إغفال العين عنها ، ولعل منها تواجد بعض المغرضين الذين يدعون نصرة القيادة الجديدة ، ويتلبسون رداء الدين تحت أجندة مختلفة ، ومنها وأهمها تنظيم الاخوان المسلمين ، ومشائخه الذين عادوا مسرعين لسوريا ، في محاولة لركوب ظهر هذه الثورة ، وتعميق تواجدهم فيها ، ومحاولة ايجاد مواقع لهم ، وهم للأسف كثر ، وقد أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي نشاطهم الملفت البعيد عن مراقبة وسيطرة الجهات المسئولة في القيادة السورية الجديدة .
لا يمكن بأي حال من الأحوال بناء سوريا الجديدة في ظل وجود هذا التنظيم الارهابي ( الاخوان المسلمين ) المدعوم من تركيا ، ونظام الدوحة في قطر ، وهنا يجب التأكيد على هذه السلطة والقيادة الجديدة في سوريا أن تنأى بنفسها عن هذا التنظيم ، حتى ولو كان لبعض قياداتها ارتباطاً روحياً أو تنظيمياً به ( التنظيم المفلس ) ، والذي يعد وجه آخر للعملة من نظام ملالي طهران وميلشياتها وذيولها في المنطقة .
ولعل القيادة الجديدة التي تحاول أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون ، تتنبه لهذا الأمر الخطير ، وتأخذ العبرة من تونس ، والقاهرة ، وليبيا ، وغيرها من الدول التي تدمر اقتصادها ، وقياداتها السياسية نتيجة قيادة هذا التنظيم المفلس لهذه الدولة التي قاتلت حتى غيرت النظام ، والبعض لايزال يعاني الأمرين من وجوده على رأس السلطة في تلك البلدان .
الشاهد في هذا المقال ، هو أن تشمر عن سواعدها هذه القيادات الجديدة في بناء سوريا الجديدة ، وتحيط بكل ما قد يًعثر أو تتعثر فيه أقدامهم ، خارجياً وداخلياً ، ويستفيدوا من تجارب الدول الشقيقة الصادقة معهم ، وأهمها في الوقت الحالي ، المملكة العربية السعودية ، وفي تصوري أنها ستكون حبل النجاة للثورة السورية وقيادتها الجديدة في كل ما ستذهب له من قيام سوريا ، وأن تبتعد قياداتها عن كل الأجندة الداخلية والخارجية ، وتركز على ايران التي لن يهدأ لها طالما وهي بعيدة عن دمشق .
محمد سعد الربيعي
كاتب رأي