عندما تضيع الحلوى!

عندما تضيع الحلوى!
ارتبطت الحلوى بالطفل ، رغم أنها ليست ذات طعم سيء على الكبار، فالحلوى تقدم في المناسبات ، والأفراح، والمعايدات ، حتى تضفي على المناسبات مذاق وطعم آخر ، لكن بعض الأطفال لا يعجبه أن يرى الحلوى في يد غيره ، يريد أن يستحوذ عليها لنفسه ، فيعمل المستحيل حتى يظفر بها ، يذهب يشكو أصحابه لأبيه، أو والدته ، أو أخيه الأكبر، يستعمل طرائق عديدة منها الكذب، والضغط المتواصل ، والإنزواء إلى زاوية بعيدة ، والتمرد على قوانين المجلس الذي يقعد فيه كبار القوم برفع الصوت تارة ، والتباكي تارة أخرى ، ويمكن يصل لحد الشتم ، وإظهار التذمر من المكان ومن سوء المعاملة ، ويمكن أن يتطور الأمر فتقع المصيبة فيعتدي بالضرب على كل من هم حوله، وربما يستعين بغرباء لمعاونته على فعلته.
هذه السلوكيات وتلك الممارسات الطفولية تدل على عدم نضج في الفكر ،وانتفاء الإلمام بالحقوق والواجبات وعدم نمو في التربية ، وافتقار لسياسة احترام الكبار ، وانفلات على قيم ومبادئ التوازن الانفعالي التي يفترض أنها قد زرعت في النخاع قبل أن يلفظ الطفل البريء كلمة هات وأريد، وأرغب ، وأحتاج! ويتعرف على حدوده، فيقف عندها ، ويمنع نفسه النظر إلى ما لدى الآخرين.
بالتأكيد لو تم غرس قيم الاكتفاء ، وامتلأت العين بما امتلكت النفس لأصبح أولئك الصغار نجباء في طلب ما ينقصهم.
فلنكن أكثر وضوحًا ونقيس حجم ردود الأفعال عند بعض المتمردين على القيم الإعلامية نرى على الساحة تحركات جريئة غير محسوبة العواقب، يمكن أن تصيبهم بالأذى على المدى البعيد خاصة في مواجهة مشروع الانفصال عن القيم والمبادئ التي كفلتها المؤسسات الإعلامية. يقوم بعض حديثي السن الذين تأخذهم الحماسة والبحث عن الهالة بالقفز على القوانين والأنظمة ومحاولة إجهاض الجهود ووأد الخطط في سبيل الحصول على نفعية ذاتية، يمكن أن تحقق لهم شيئًا ، من خلاله ينفذون إلى مبتغاهم بأي وسيلة كانت.
هذه الممارسات الطفولية بدأت هذه الأيام تظهر للجميع ولكن من موقع إعلامي يفترض به أن يكون نزيهًا لا طفلاً شرهًا يريد أن يلتهم الحلوى بغلافها ، تصوروا بعض الصحف هذه الأيام كالطفل الذي يريد أن يبتلع الحلوى بغلافها ، هذا يمكن يوصلها للتخمة والامتلاء، ويصيبها بالمغص اللغوي، فلا تعد قادرة على تناول الأغذية والمواد الإعلامية المفيدة وتقديم الوجبات العلمية والآراء ذات المذاق والطعم المرغوب به.
بالرغم أن رؤساء التحرير بها يعلمون تمامًا أن تناول الموضوعات التي تحتوي على سكريات لفظية عالية النسب وبإسراف مبالغ فيه سوف يصيب صحفهم بالداء فلا يجدون لها الدواء.
لقد أطلت علينا بعض الصحف المصرية – للأسف الشديد- أقول أطلت بعض الصحف المصرية التي لم تلتزم بالمهنية والاحترافية بهجوم واسع على وزير الدولة للشؤون الخارجية معالي الأستاذ عادل الجبير وصل حد التجريح وهذا يعتبر اعتداء سافر غير مقبول وترفضه القوانين المهنية والصحفية والأخلاقية التي أقسم عليها كل كاتب إعلامي.
ذلك الهجوم تفوح منه رائحة الأيديولجية المستبيحة لكل ممكن وكل مستحيل ، هجوم غير مبرر يتجاوز المبادئ والقيم الصحفية التي أقسم على ميثاقها كل صحفي بأن يكون نزيهًا، صادقًا، واعيًا بشرف المهنة مؤتمنًا على الكلمة التي يكتبها قلمه، مدركًا لم يدونه، ومستوعبًا لما ينطقه.
كنا نتوق لمعرفة العلاقة بين بما يجري على الساحة السياسية، والهجوم على شخص الوزير ! فمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ليس حكرًا على أحد، هناك اثنتان وعشرون دولة عربية يحق لكل دولة ترشيح من تراه كفؤًا لمنصب الأمين العام، بحسب الدستور الذي يسير عليه نظام الجامعة العربية.
ينبغي توضيح شيء مهم للقارئ الكريم ، أن منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية لم يكن في يوم من الأيام هذا المنصب محصورًا في دولة دون أخرى، إنما كان ارتباطه منطقيًا بمن أسسه، فما المانع في أن يترشح الوزير الجبير لهذا المنصب بما أنّ المملكة العربية السعودية إحدى الدول التي دعمت قيام جامعة الدول العربية بالمال والفكر والخطط وصادقت على قيامها في الثاني والعشرين من شهر مارس لعام خمسة وأربعين وتسع مئة وألف من الميلاد مع مصر والعراق والأردن إلى جانب لبنان وسوريا والمغرب واليمن.
أي أنه يحق للأعضاء ترشيح من تراه جديرًا بهذه المهمة ونعتقد أنه حق مشروع في ظل الظروف والمتغيرات التي طرأت على الشرق الأوسط وتحديدًا الدول العربية منذ حرب الخليج الثانية.
أصدقائي في الإعلام المصري ، كلنا يعلم حجم ومكانة مصر في قلوبنا ، فأرجو منكم تحري الدقة في المعلومات، وعدم نشر ما لا يجوز نشره أو التصرف فيه دون وجه حق أو السماح لبعض الكتّاب حديثي العهد بالصحافة بالهجوم على شخصيات ودول لها وزنها وثقلها السياسي والإعلامي في المنطقة والعالم بأسره، ولن نسلط الضوء على مكانتها العسكرية والعلمية والصحية والتنموية لأننا لو ركزنا أكثر لعرفنا من الطبيب ومن هو الصيدلي.
لدي أصدقاء كثر هنا في وطنهم الثاني التقي بهم كل يوم ، ويعلمون ما نكن لمصر وأهلها من محبة وتقدير، يتناولون السكريات بمقدار معين ولا يرغبون في حلوى غيرهم، لذا أقول لأصدقائي الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف المصرية في الجمهورية العربية المصرية الشقيقة ما هكذا تؤكل الحلوى يا أصدقاء.
علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي