كُتاب الرأي

أنا المعلمة…أزرع الحرف وأحصد الأمل

أنا المعلمة…أزرع الحرف وأحصد الأمل

حصة محمد الجهني 

أنا معلمة… أرددها بفخر يملأ قلبي قبل صوتي. أتشرف بالمهنة وأعظم ما أحمله من رسالة. لستُ معلّمة فحسب، بل ابنة اللغة التي تشكّل هويتي، وامتداد إرثها العريق. فتخصصي ليس مسمى وظيفيًا، بل انتماءٌ لِلّغةٍ هي أمُّ العلوم وأصل البيان.

أنا معلمة… أرى في طالباتي مرآتي، وظل عطائي، وصدى جهدي. هنَّ حكمي الصادق، ومقياس نجاحي، وبذرة الأمل التي أزرعها بحبٍّ لأراها يانعة ذات يوم. وما إن أخطو نحو قاعة الصف، حتى أشعر بثقل الأمانة، كأن أعينهن تنطق برجاء أب وأم، وكلي يقين أنني شريكة في صناعة الغد.

أحمل مسؤولية التهذيب والتعليم لا بصفتي موظفة، بل بصفة مُربّية تُدرك أن يدها إن امتدت بالخير غيّرت حياة كاملة. كل ما أرجوه أن أمسك بيد كل طالبة، بلا استثناء، لتنطلق نحو أفقٍ أوسع وسماءٍ أرحب، بعد أن أترك معها بصمة أثر، وقصة إنجاز تُروى بفخر.

أنا معلمة… لا تحدّني جدران الصف، ولا تقف مسيرتي عند أسوار المدرسة، ولا تحصرني أغلفة الكتب. فصفحات المنهج الحقيقي لا تُعدّ، ولا تُختزل في خطةٍ تنتهي؛ بل هي حكاية نجاح تبدأ من المدرسة وتمتد في الحياة.

أنا معلمة… أعلّم الحرف لأصنع إبداعًا، وأغرس الكلمة لأراها يومًا جملةً تشعّ إنجازًا. ما أعظم الفخر حين أزف طالبة من طالباتي إلى منصات التتويج؛ شاعرة بموهبتها، مبدعة بإلقائها، قاصة تحيك الحكاية وكأنها تولد معها.

يطير قلبي فرحًا حين تتواصل بي إحداهن لتقول بثقة: “رُشحتُ كاتبة محتوى في الجامعة”، وأخرى تخبرني أنها أصبحت إعلامية تملك صوتًا وحضورًا. في تلك اللحظات أدرك أن التكريم الحقيقي ليس شهادة تُمنح لي، بل نجاح يتخطّاني، وأثر يظلّ أكبر من اسمي.

أنا معلمة… تؤمن أن من يختار التغيير لا يستأذن الظروف، ومن يحمل العلم لا يضيع الرسالة، ومن يغرس قيَمًا لا يخشى غياب الأثر. أعلم أن خلف كل طالبة مستقبل وطن، وبداخلي إيمان لا ينطفئ أن التعليم ليس مهنة… بل صناعة نهضة.

أنا معلمة… وهذا مبدئي الذي لا يشيخ، ورسالة عمري التي أهب لها قلبي وعقلي ووقتي، ما دام في الروح نبض، وفي العطاء متّسع.

كاتبة رأي

 

حصة محمد الجهني

كاتبة رأي وقاصة وشاعرة ومشرفة أقلام ناشئة

تعليق واحد

  1. معلمتي الفاضلة / حصة الجهني
    أشكركِ من أعماق قلبي على جهودك الكبيرة وعطائك اللامحدود في تعليمنا مادة الكفايات اللغوية، فقد جعلتِ الدرس ممتعًا ومفهومًا، وزرعتِ فينا حب اللغة وجمال التعبير.
    وجودك في حياتنا الدراسية مصدر إلهام وفخر، والله يجزاك عنا كل خير ويكتب أجرك على كل لحظة تعبتي فيها لأجلنا 🤍

    بكل التقدير والامتنان،
    طالبتك / أشواق السلمي🌺

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى