عطية وكرتون الملك خالد!!

محمد الفريدي
عطية وكرتون الملك خالد!!
لم يكن الملك خالد – رحمه الله – ذلك الحاكم الذي يكتفي بالمظاهر أو يختبئ خلف البروتوكولات، بل كان رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.
لم يكن الإصلاح لديه مجرد شعارات أو وعود فارغة، بل كان منهجا عمليا يُترجم إلى قرارات حاسمة غيّرت وجه المملكة ورسّخت مكانتها في العالم.
أذكر أنه في أحد الأيام، وبينما كان يتجول بين المواطنين قبل ظهور ما يُسمى بالطفرة الأولى أو طفرة الملك خالد، وقف أمامه رجل رث الثياب بسيط في المدينة المنورة، يحمل رغيف خبز في يده، وقال له بصوت يملؤه الحزن والألم:
يا طويل العمر، هذا عشائي الليله ، والله ما عندي غيره.
لم يكن هذا المشهد عاديا، ولم يكن الملك خالد ممن يتجاهلون رسائل شعوبهم، فتأثر بالموقف وبكى. لكنه لم يكتفِ بالتأثر العاطفي، بل حوّله إلى فعل ملموس.
لم يكن الحل في تقديم “كرتون” مساعدات لذلك المواطن البسيط بنفسه فحسب، بل في وضع رؤية واضحة تضمن ألا ينام أحد في المملكة بعد اليوم جائعا. وبدلا من الاكتفاء بإعطائه رغيفا آخر، قرر أن يضع حجر الأساس لاقتصاد قوي، يرفع مستوى المعيشة، ويمنح كل مواطن القدرة على توفير احتياجاته بنفسه.
ومن هنا، ولهذا السبب، بدأ بمضاعفة رواتب المدنيين والعسكريين، وأطلق مشروعات تنموية عديدة، ووسّع الاستثمارات، وأسس بنية تحتية متينة للمدن والمحافظات والهجر، و جعل المملكة تنتقل من مصاف دول العالم الثالث – كما كان يُطلق علينا في الغرب – إلى مصاف الدول النامية خلال سبع سنوات من فترة حكمه رحمه الله.
الملك خالد كان رجل خير، ومتدينّا، وبكّاء أمام المواقف الإنسانية، ومع ذلك لم يكن رجل مساعدات مؤقتة، بل كان رجل قرارات مصيرية، ولم يكن يسعى لكسب القلوب بحركات استعراضية، بل صنع قرارات أحدثت فرقا حقيقيا في حياة الناس.
كان يؤمن بأن العدل والإنصاف هما الأساس لبناء دولة قوية، وأن القائد الحقيقي ليس من يوزّع المساعدات بنفسه أمام الكاميرات – كما كان يفعل البعض – بل من يصنع السياسات التي تجعل المساعدات غير ضرورية أصلا.
واليوم، ها نحن نرى أميرنا الطموح يستمر في النهج ذاته، ولكن بلغة العصر وأدواته. لم يكتفِ بإصلاح المشاكل السطحية، بل ذهب إلى جذورها.
و رؤيته ليست مجرد خطط اقتصادية، بل مشروع متكامل لتحديث الدولة، يجعل المواطن شريكا أساسيا في نهضة بلاده، لا مجرد متلقّ للإعانات والمساعدات. فالكراتين في نظره لا تصنع إلا “كراتين”، ولا تبني نهضة لشعب أبدا.
لقد فهم هذا الأمير من درس رغيف عطية وكرتون الملك خالد أن الاقتصاد القوي هو الحل الحقيقي للفقر، وأن تمكين المواطن هو البديل عن تقديم المساعدات الوقتية.
لذلك، جاء برؤية 2030، ووضع خارطة طريق لاقتصاد متين ينقل المملكة إلى مرحلة الإنتاج والابتكار والاستثمار الذكي في المواهب والعقول.
ولم يكن هدفه مجرد تحسين الظروف المعيشية، بل تغيير نمط التفكير نفسه، ليصبح المواطن جزءا فعالا في صناعة المستقبل.
إن المشاريع الكبرى، مثل “نيوم”، وتطوير السياحة، وتمكين المرأة والشباب، لم تأتِ من فراغ، ولم تكن مجرد أفكار شبابية عابرة أو طائشة، بل هي تجسيد لرؤية واضحة تؤمن بأن الدولة القوية لا تُبنى على المساعدات، بل على اقتصاد قوي يخلق فرصا مستدامة للجميع.
ولا تقتصر هذه الرؤية على الحاضر فحسب، بل تمتد لتصنع أجيالا قادمة قادرة على مواصلة العطاء والبناء، مؤمنة بأن الريادة لا تُوهب، بل تُنتزع بالعزيمة، والعلم، والعمل الدؤوب.
فالقادة العظماء الحقيقيون ليسوا من يحاولون كسب التعاطف من خلال توزيع المساعدات بأيديهم، بل هم من يصنعون سياسات تجعل الحاجة إلى المساعدات أمرًا نادرا . الفرق بين القائد الاستعراضي والقائد الحقيقي هو أن الأول يمنحك “كرتون” مساعدات غذائية، بينما يمنحك الثاني اقتصادا قويا مزدهرا يجعلك قادرا على شراء كل ما تريد بنفسك.
هذا هو الفرق بين من يُسكّن الأزمات، وبين من يبني مستقبلا مستداما، فالأمم العظيمة لا تقوم على العطاءات والهبات والشرهات والإعانات، بل على رؤية واضحة تحقق الاكتفاء الذاتي، وتصنع أجيالا تعتمد على إمكاناتها، لا على انتظار المعونات.
هذا الأمير الطموح لم ينتظر حتى يأتيه رجل من شعبه يحمل رغيفه بيده ويشكو من الجوع، بل بدأ بإصلاحات جذرية تمنع أن يكون هناك رجل لا يملك إلا رغيفا واحدا للعشاء كعطية.
لم يعتمد على “المسكنات”، بل واجه التحديات بشجاعة، وفتح ملفات لم يجرؤ أحد على فتحها لعقود، ولم يكن شعاره مجرد تحسين الوضع، بل تغييره جذريا .
فهو يدرك، رغم صغر سنه، أن بناء الأوطان لا يكون بالوعود المؤقتة، بل بالقرارات الحاسمة التي ترسم مستقبلا لا يُترك فيه أحد تحت رحمة الحاجة أو انتظار المساعدات.
الفرق بين القائد الذي يوزع المساعدات، والقائد الذي يصنع التنمية، هو الفرق بين الحل المؤقت والحل الدائم، بين من يريد تهدئة الأوضاع بشكل مؤقت، وبين من يسعى لتغيير الواقع إلى الأفضل بشكل دائم، بين من يعطيك سمكة لتأكلها، وبين من يعلمك كيف تصطادها.
والقادة العظماء لا يقيسون نجاحهم بعدد السلال الغذائية التي وزعوها، بل بعدد الفرص التي أتاحوها، وعدد الأفراد الذين أصبحوا قادرين على بناء مستقبلهم بأنفسهم.
الملك خالد، بفطرته الأبوية ونظرته المستقبلية، وضع الأساس قبل أكثر من 51 عاما، وأميرنا المحبوب اليوم يشيد المستقبل، وبينهما امتدت مسيرة من البناء والرؤية الطموحة.
وبين الماضي والحاضر، تبقى مملكتنا نموذجا فريدا للقيادة الحقيقية الحكيمة، التي لا تكتفي بردود الفعل، بل تصنع الحدث وتوجه المسار نحو مستقبل أكثر ازدهارا.
وفي كل حقبة، تؤكد أن المجد لا يُصان بالأماني، بل يُبنى بالعمل، وأن الريادة ليست شعارا، بل التزامٌ بمستقبل يليق بوطن عظيم وشعب طموح كشعب هذه المملكة.
لم يكن الشعب السعودي بحاجة إلى رجل يحمل كراتين الطعام أو يقدم بعض الإعانات المؤقتة ويطرق الأبواب ليلا لمساعدة الفقراء، بل كان بحاجة إلى قائد يرسم لهم طريق المستقبل، ويضع الأسس التي تضمن لهم حياة كريمة مستقرة لقرن قادم على أقل تقدير.
وهنا تأتي قصة الملك خالد وعطية صاحب الرغيف الواحد، تلك القصة الملهمة التي تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل، شاهدا على وعي القيادة السعودية بحقيقة التحديات التي تواجه المواطن.
فلم تكن القيادة على مر العقود الماضية ترى الحل في منح العطايا والهبات، بل في بناء اقتصاد متين يحقق الاكتفاء، ويصنع فرصا تضمن لكل مواطن حياة كريمة بعيدا عن الحاجة والانتظار.
من هنا جاءت رؤية المملكة 2030، التي لم تكن مجرد خطة اقتصادية، بل مشروعا متكاملا لتحويل المملكة من دولة تعتمد على النفط إلى دولة تقوم على اقتصاد متنوع ومستدام بسواعد أبنائها.
ولم يكن الهدف مجرد توفير وظائف، بل خلق بيئة تمكّن المواطن السعودي من أن يكون جزءًا فعالا في نهضة بلاده، لا مجرد متلقّ للدعم والمساعدة.
فهي رؤية تؤمن بأن القوة الحقيقية لا تكمن في الموارد وحدها، بل في تمكين الإنسان السعودي، وصناعة الفرص، وترسيخ ثقافة الإنتاج والابتكار، ليكون كل مواطن مساهما في بناء وطنه، لا منتظرا لما يُقدَّم له من أُعطيات.
إن المنصف الذي يرى بحيادية يعلم أن سياسات ولي العهد لم تقتصر على الإصلاحات الاقتصادية فقط، بل شملت مجالات التعليم، والصحة، والبيئة، والاستثمار، والترفيه، والثقافة، والسياحة، والبنية التحتية، والسياسة الداخلية والخارجية، والأمن والدفاع، وكل ما يمكن أن يجعل المملكة دولة قوية قادرة على المنافسة عالميا .
ويعمل فوق ذلك على خلق جيل جديد من السعوديين لا ينتظرون “كراتين المساعدات وأرغفة الخبز”، بل يصنعون مستقبلهم بأيديهم.
لقد رأينا كيف تحوّلت مملكتنا خلال سبع سنوات مضت إلى مركز استثماري عالمي، يجذب الشركات الكبرى، ويوفر الفرص لأبناء الوطن للعمل والابتكار، بدلا من انتظار الوظائف الحكومية والمعونات.
رأينا كيف مكّن المرأة، وكيف أصبح للشباب دور محوري في بناء مستقبل بلادهم، وكيف أصبحت الرياض وجهة عالمية للمؤتمرات والفعاليات الاقتصادية والرياضية والثقافية.
ما فعله الملك خالد في سبع سنوات، وما فعله أميرنا الطموح في سبع سنوات، هو الفرق بين القادة الذين يمنحون شعوبهم “كراتين طعام”، وبين القادة الذين يمنحونهم الأدوات لبناء حياتهم بأنفسهم.
بين من يرى شعبه محتاجا للمساعدة، وبين من يراه قادرا على التغيير والابتكار والمنافسة.
كان من السهل على ولي العهد أن يوزّع الإعانات والشرهات ويدبل الرواتب ويكسب محبة وتعاطف الناس، لكنه اختار الطريق الأصعب: أن يُغيّر واقعهم، أن يجعلهم جزءا من الحل بدلا من أن يكونوا مجرد متلقين للمساعدات.
السعودية اليوم ليست بحاجة إلى “رجل يبحث عن أرغفة”، ولا إلى تكرار الموقف ذاته الذي حدث مع الملك خالد مرة أخرى، فسياساتنا الحالية – ولله الحمد – تضمن ألا يكون هناك مواطن بحاجة إلى هذه المساعدات.
اليوم، المواطن السعودي جزء من رؤية وطنية شاملة، يعتمد عليها كما تعتمد عليه، ليكون شريكا في بناء المستقبل، لا مجرد مستفيد من معونات مؤقتة.
كاتب رأي
” رغيف العيش والمقارنة العادلة ”
لم تكن الكتابة في مقالات الرأي العام مجرد نزهة وظهور شرفي للكاتب بين أقارنه في كبرى الصحف الورقية والإلكترونية التي أخذت مكانتها وموقعها الحقيقي للتعبير عن آمال وطموحات المواطن السعودي وهذا ما يهمنا في هذه المقارنة.
لقد استطاع كاتبنا الكبير الأستاذ محمد على الفريدي رئيس تحرير صحيفة آخر أخبار الأرض الإلكترونية أن ينقلنا من الأماني والأحلام إلى واقع ومسار وطن ومستقبل أجيال وهو ما كان واضحا بحيادية الطرح في (نظرية الواقعية) القضية التي تمثل شغف الكاتب وتتناسب مع منهجية القرار لدى الدولة ووضع اللوائح والنظم التي يمكن تطبيقها وفق الحاجة الملحة التي استحوذت على هموم المواطن العادي ومايتعلق بتامين احتياجات الأسرة وفي مقدمتها (رغيف العيش) هذه الرمزية تأخذنا لسلسلة طويلة ضمن البنية التحتية للاحتياجات الفعلية التي تشكل ثقلا سياسيا أمام صاحب القرار وتلعب دورا بارزا في الانتخابات لدى رؤساء كبرى الدول.
وحتى لا نطيل على القراء فإن الثقل السياسي والثوابت لدينا في المملكة هي الثقة المطلقه بين الحاكم والمواطن التي تجاوزت مفاهيم الغرب والشرق في الانتخابات الرئاسية لتشكل نمطا خاصا ومبدأ سارت عليه الأجيال منذ عهد الأجداد.
فالمقارنة التي تطرق إليها محتوى المقال الذي بين أيدينا تعكس رؤية حقيقية لمسار العدالة الإجتماعية في المملكة فالملك خالد بن عبدالعزيز إبان عهده على مدى سبع سنوات سجل إرثا وطنيا في مواقفه الإنسانية على المستوى المحلي والذي نحن بصدده وقفز بمعدلات تنموية كانت بمثابة إنقاذ لحالات الفقر الذي عاشها المواطن قبل أكثر من واحد وخمسين عاما عالجت قضايا كثيرة وارتفعت فيها معدلات التنمية في كافة المجالات الحيوية .
ليأتي دور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء برؤية منفتحة وفلسفة خاصة في إدارة شؤون الدولة ونظرة ثاقبة لإحتياجات المواطن وفق معطيات العصر بعيدا عن الصراعات العالمية المُتَحَوِّرة حول إرادة الشعوب وما يتعلق بالأمن والاستقرار الذي ينشده المواطن على أرض المملكة ويلمسه المقيم وتمتد لدول مجاوره تربطنا بهم اللغة والدين والجوار .
فهذا النجاح الذي تحقق بجهود وحنكة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وفي الذكرى السابعة لتوليه ولاية العهد هي في أبعادها المكانية والزمانية تطورات تنموية غير مسبوقة جاءت برؤية واضحة تتعايش مع متطلبات العصر وتقف جنبا إلى جنب مع حاجة المواطن السعودي ليس من باب أشباع بعض الأهواء والدعاية السياسية الفجة التي غالبا من تكون الصوت الأعلى لدعم قيادات خارجية لاتملك النذر اليسير من حاجة المواطن البسيط في بلدانهم وإنما فرضت عليهم .
وإذا كان الفضل لله وحده لنا في المملكة أن منحنا هذه الثقة مع قيادتنا السياسية فخرا وإعتزازا.
شكرا لرغيف العيش وكرتون العم عطية وللكاتب المبدع كاتب المقال.
سعادة الأستاذ الغالي الدكتور محمد حامد الجحدلي حفظه الله ورعاه.
كم يسعدني ياسيدي ويشرفني أن أجد هذا التحليل العميق لمقالي من قلمكم الكبير الذي طالما أثرى الساحة الفكرية برؤى متزنة ونظرة ثاقبة تجمع بين العمق والإنصاف.
إن تناولكم للمقال بهذه المنهجية الواعية، التي تربط بين الواقع والماضي والمستقبل، يعكس خبرتكم العريقة في قراءة المشهد وتحليل أبعاده المختلفة.
لقد وضعتم النقاط على الحروف حين أشرتم إلى أن العلاقة بين القيادة والمواطن في المملكة تتجاوز المفاهيم التقليدية للسياسة، فهي علاقة مبنية على الثقة المتبادلة، والتفاعل المستمر مع متطلبات التنمية والاحتياجات الفعلية. وهذه المقارنة التي أشرتم إليها بين مرحلتين من تاريخنا الوطني ليست مجرد مقارنة بين زعيمين، بل بين فلسفتين في الحكم والإدارة، تجتمعان في هدف واحد هو رفعة الوطن وازدهاره.
شكرا لرؤيتكم النقدية الراقية، وشكرا لما أضفتموه من عمق لهذه القضية التي تستحق النقاش.
وأعتز بمتابعتكم الكريمة، فهي وسام شرف لكل قلم يسعى إلى تسليط الضوء على قضايا الوطن وهموم المواطن.
محبكم / أبو سلطان
من اقوال الامير نايف طيب الله ثراه
هنئيئا لهذه الحكومه بهذا الشعب وهنيئا لهذا الشعب بهذه الحكومه صور من صور التلاحم والبناء
رحم الله الأمير نايف بن عبدالعزيز واسكنه فسيح جناته، فقد كانت كلماته دائما تعبيرا صادقا عن العلاقة الفريدة بين القيادة والشعب.
نعم، هو تلاحم راسخ وبناء متين لم تزده الأيام ولله الحمد والمنة إلا قوة وثباتا، وظلت و ستظل هذه العلاقة نموذجا يُحتذى به في الولاء والانتماء والعمل المشترك من أجل مستقبل هذا الوطن العظيم واستقراره .
نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار، وأن يحفظ قيادتنا، ويبارك في شعبنا الوفي. تحياتي وتقديري.
محبكم / أبو سلطان
زادك الله من فضله
ابداع ولايستغرب منك
بارك الله فيك كذلك وزادك من فضله وكرمه.
شهادتك وسام أفتخر به، ودعمك دافع للاستمرار في تقديم كل ما يخدم وطننا الغالي. تحياتي وتقديري.
محبكم / أبو سلطان