كُتاب الرأي
(عشائر سوريا ، وعشائر اليمن )

محمد سعد الربيعي
(عشائر سوريا وعشائر اليمن )
ماحدث في سوريا من موقف بطولي ومشرف من قبائل سوريا وعشائرها بمختلف مسميات تلك القبائل والعشائر التي هبت للدفاع عن بعض الأسر البدوية في محافظة السويداء ، وغيرت بوصلة الاحداث عندما تدخل العدو الاسرائيلي نتيجة خيانة وعمالة بعض العناصر الدرزية التي تمثل مكون هذه الفئة في محافظة السويداء بقيادة العميل حكمت الهجري .
ما أظهرته الدولة وحكومة الرئيس احمد الشرع إتسم بالحكمة وصوت العقل عندما رأت استغلال وإستقواء هذه الفئة الخائنة بالعدو الاسرائيلي نتيجة الادعاء المزيف للهجري وغيره في محاولة منه لإعطاء الفرصة للعدو الاسرائيلي ، والإساءة للحكومة الجديدة في سوريا ، بل قلب الاوضاع ، واعادة عدم الاستقرار في هذه الدولة الشقيقة .
قامت حينها الحكومة الجديدة بسحب قواتها من محافظة السويداء نتيجة توسط العديد من الدول الصديقة والشقيقة ومنها المملكة لمنع تفاقم الوضع في المحافظة وبالتالي الدولة ، وعندها تدخلت قبائل وعشائر سوريا التي هبت من كل سوريا وكانت على قلب رجل واحد من أجل نصرة من إستغاث بهم من حرائر سوريا العربية البدوية التي أُنتهكت أعراضهم من درزية العميل حكمت الهجري .
أحداث السويداء كانت وصمة عار على دروز الجبل حتى ولو كانت هناك فئة تعارض تصرفات وإستقواء حكمت الهجري بالعدو الاسرائيلي ، لأن ماحدث يعد شرخاً كبيراً من هذا المكون الذي لم يكن في مقدوره القيام بمثل هذه التصرفات في حكم الاسد الغابر. سوريا ليست مكاناً للتقسيم ولن تسمح قيادتها بإنفصال جزء منها تحت ذريعة وتشويه صورة الحكم الجديد فيها التي مدت يدها للجميع ، ولم تفرق بين مكونات الشعب السوري المختلفة، والرئاسة السورية لم تستخدم القوة مع هذا المكون الذي يجب عليه أن يندمج مع بقية مكونات الدولة السورية حيث ترى الدولة أن السويداء جزء من السلم الاهلي السوري ، وهي لا تريد ان تستخدم القوة في بسط سيادتها في هذه المحافظة ، بل ترغب من هذا المكون أن يلتئم مع سوريا الجديدة ، ويتعاون كأهل للسويداء في البعد عن الفوضى التي تؤدي بالتالي لتدخل الدولة وفرض الأمر الواقع بالقوة .
الشاهد في هذا المقال هو شجاعة وإقدام عشائر سوريا وقبائلها عندما هبت للدفاع عن كرامة جزء من هذه العشائر وهم بدو السويداء التي استقوى عليهم الهجري بالعدو الاسرائيلي إعتقاداً من نفسه المريضة أنه سيحقق هدفه من خلال غياب الدولة التي أثرت الانسحاب من المحافظة منعاً لتطور وتفاقم الوضع السياسي والامني في المحافظة والدولة .
كان للمملكة العربية السعودية موقفها الشجاع والثابت في مجلس الامن الدولي ، وكذلك الاتصالات الجارية بين القيادتين السعودية والسورية والتي تولاها قائد هذه الأمة وزعيم الرؤية بموقف ثابت وشجاع عندما شددت المملكة على موقفها الثابت من سوريا ومنع أي تدخلات من اسرائيل في الوقت الذي خفت فيه صوت الأشقاء العرب الذين لم نسمع من البعض منهم كلمة تحمي أو توقف العدوان الاسرائيلي على سوريا رغم أن بعض تلك الدول ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع العدو الاسرائيلي .
بالطبع كان لتدخل العشائر السورية في السويداء الفصل في إعادة الوضع وإعادة الامن في المحافظة ، بل جعل العميل الهجري يعتذر ويقول صراحة أنه يتحمل ذلك العمل الأحمق الذي ارتكبه ، وأنه لايمانع من دخول القوات السورية لحفظ الامن يالمحافظة.
المقارنة هنا بودي أن تكون جميلة ورائعة بين عشائر دولة سوريا الذين تنادوا من كل محافظاتها لنصرة اخوانهم البدو جيران دروز الجبل الذين تعرضوا لإمتهان قوي في الأحداث الاخيرة التي ألمت بالسويداء وأهلها ،وهنا أضع اليمن الشقيق وكافة مكوناته وعشائره القبلية ، بل قبائله الأصيلة الذين يتجاوزون في العدة والعدد لعشائر سوريا من قبائل حاشد وخولان والأزد الكهلانية في تهامه وشرعب في تعز ، وقبائل العدين في إب ، وقبائل مراد في شبوه ، والعوالق وقبائل عبيده في مارب ، وقبائل بني عوض .
ولو عدنا بالساعة للوراء قليلاً وتذكرنا كيف حشدت توكل كرمان ومعها قادة حزب الاصلاح ساحة السبعين في صنعاء ، ونادت بإسقاط نظام عفاش الذي تعامل بعدها مع العدو ( الحوثة) نتيجة ذلك التحشيد القبلي من حاشد القبيلة الزيدية من رأسها لأخمص قدمها والتي ينتمي لها عفاش ، وبقيادة رؤوس وقادة الاخوان وعلى رأسهم اليدومي الذي كان يشغل منصباً كبيراً في أمن الدولة من السابق ، ويعرف كيف ستكون نهاية ذلك التحشيد وهو سقوط نظام عفاش ، وبالتالي تسلم الفئة القليلة الحوثية للسلطة في هذا البلد المليء بالخونة والعملاء لحزب الاصلاح ، وقيادة المؤتمر الذين مكنوا هذه المكون الفئوي الصغير من السلطة في البلاد ، تحت مقولتهم التي يحتمي بها الاصلاح والمؤتمر بأنه لاضير لديهم طالما من يحكم اليمن زيدي ومن الهضبة !
مثار الإستغراب هنا ، وأثناء المقارنة بين المكون السوري القبلي والمكون اليمني القبلي ، وهو موضوع مقالنا هذا ، أقول رغم استجداء الكثير من نساء اليمن الطاهرات من تعدي وانتهاك لإنسانيتهن وعذريتهن من الحوثيين ، وتهديم بيوت اليمن ، والإعتداء على شيوخ وقبائل تلك الدولة ، وهدم مساجدهم وتفجير بيوتهم ، وإذلالهم كل صبح ومساء ، الا أننا لم نرى من ينتفض ويحشد قبيلته أو جماعته لمنع تلك الإعتداءات الحوثية التي لم يسلم منها أحد رغم قلة عدد هذه الفئة التي لايتجاوز عددهم عدد نصف أو ربع قبيلة من قبائل اليمن التي تدعي عروبيتها ونخوتها!
لعل ماحدث مؤخراً ومنذ أقل من اسبوعين تقريباً في الحديدة من القبض على شحنة اسلحة كبيرة تتجاوز سبعمائة وخمسون طناً من الأسلحة بمختلف انواعها من قوة طارق المتواجدة في اقليم تهامة اليمني يعد أحد نتائج ذلك التخادم بين الحوثيين وبعض الجهات اليمنية في الاصلاح والمؤتمر والتي بدأت تكشف عن وجهها وذلك التخادم ، ولماذا هذه العملية يقبض عليها ويعلن عنها الان وفي هذا التوقيت ! واين مايحدث من عمليات تهريب تجاوزت مدته العشر سنوات الماضية ، ولماذا لم يُقبض عليه! وكيف استطاعت هذه الفئة ( الحوثة) استخدام كل الموانيء لليمن الشمالي وصحراء مارب من تهريب الأسلحة الايرانية والاستقواء بها على الشعب اليمني ، ودونما أن تتم محاصرة ذلك النشاط ومنعه! أم أن طارق فضل القبض والاعلان عن هذه العملية لإختلافه الان مع رئيس الشرعية العليمي ، ومحاولة طارق أن يكون له منصباً كبيراً في الشرعية ، متناسياً أن عليه أن يكون جندياً مخلصاً تحت قيادة الشرعية ، وان عليه أن يعرف أنه كان مع عمه عفاش وهما من إستقدما الحوثيين وسلماهما مفاتيح صنعاء وتعز وبقية المدن اليمنية .
وسؤالنا قبل معرفة مصير التحشيد القبلي من شيوخ اليمن ضد هذه الفئة الباغية الحوثية ، هو هل سيقوم طارق بتسليم هذه الحمولة الكبيرة من الاسلحة لقيادة الدولة الشرعية واستخدامها في مواجهاتها مع الحوثيين ، أم سيستمر في الاحتفاظ بها لمدة قصيرة ثم نسمع بإنشقاق أحد الوية طارق ، وإنضمامه للحوثيين مع هذه الشحنة الكبيرة التي تجاوزت سبعمائة وخمسون طناً وتسليمها للحوثة! وهذا ماسيحدث مستقبلاً من طارق وقواته في تهامة .
اذاً ليس هناك في اليمن من يستطيع أن يحشد قبائل اليمن في مواجهة الحوثيين ، لأسباب كثيرة ولعل أهمها هو أن أعين الشماليون بقياداتهم المختلفة حتى من يعملون في كنف الشرعية تتركز على إحتلال الجنوب والوقوف ضد إنفصاله ، وسحب كل مدخراته ، وسرقة بتروله ، وتفقير وتجهيل شعبه ، وهذه سياسة عفاش ولازالت مطبقة حتى بعد سقوط حكمه ، وكسبب أخر وهو لايقل خطورة عن الاول هو تسلط حزب الاصلاح وقيادته الزيدية على المشهد في اليمن ، ومعه حزب المؤتمر الزيدي ، وتخادمهما مع الحوثيين في إستمرار أزمة اليمن ، وإبقائه كمستنقع لكل من يحاول أن يمد يده من الأشقاء لتحرير اليمن ليكون عبرة للآخرين ، وهذا هو المنظار الاصلاحي والمؤتمري للدول الشقيقة في التحالف مع الشرعية اليمنية التي تُدار من اليدومي وقادة حزبه الإصلاحي، وهنا نجد الاختلاف بين المكونيين القبليين في سوريا الأبية ، واليمن التي تدار من مجموعة تآمرت مع العدو كما تآمر حكمت الهجري مع اسرائيل ، ولهذا لن ينتصر اليمن طالما وحزب الاصلاح يدير المشهد اليمني،،،