عزّنا بطبعنا: حكايةُ وطنٍ خالدة

صباح أحمد العمري

عزّنا بطبعنا: حكايةُ وطنٍ خالدة

يا لها من مشاعرٍ جياشةٍ تتلاحم في يومِ الوطن، يومٍ تتجدد فيه روحُ الفخرِ والولاء، ونستحضر فيه مسيرةَ الوحدةِ والبناء. إنَّ يومَ 23 سبتمبر ليس مجردَ تاريخٍ على الرُّزْنَامَة، بل هو يومٌ محفورٌ في قلبي وقلبِ كل سعودي، يومٌ تُروى فيه قصةُ مجدٍ وتاريخِ أمة، نطرح فيه السيفَ للقلم، ونرفع فيه صوتنا بالحبِّ والفخر.

وطني، أنتَ أكثرُ من مجرد أرض، أنتَ رمزٌ لتوحيد كيانٍ عظيم، وذكرى ميلاد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود – طيب الله ثراه. في هذا اليوم نستذكر جهودًا جبارةً جمعت شتات هذا الوطن، وحوَّلتِ الصحراءَ إلى واحةٍ من الأمن والاستقرار. إنه تاريخٌ يُمثِّل الانتقال من حالةِ الفرقة إلى الوحدة، ومن العزلة إلى الانفتاح، وهو شهادةٌ على عظمة رؤيةٍ قادت إلى بناء دولةٍ حديثةٍ تتقدّم بخطى ثابتة نحو المستقبل.

أشعرُ في هذا اليوم بالفخر؛ فهو يومٌ يترجم فيه كلُّ سعودي مشاعره بصدقٍ وانتماء، ويشارك في مسيرة البناء والتطوير.

محبتك يا وطني تتجسد في كل زاوية. فاليوم الوطني مناسبةٌ فريدةٌ تُعزِّز مفهوم الوحدة الوطنية، وتؤكد على الهوية السعودية الجامعة. وهو فرصةٌ لنرى كيف تتمازج الثقافات المختلفة في المملكة، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، لتشكّل نسيجًا واحدًا متكاملاً. في هذا اليوم يتجدد العهد بالولاء لقيادتنا الرشيدة، التي تسهر على راحة الوطن وأمنه، ويعلو شعورُ التلاحم والتكاتف بين أبناء الوطن الواحد.

اليوم الوطني تذكيرٌ دائمٌ بأن هويتنا هي قوتنا، هويةٌ تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين التمسك بالقيم الإسلامية السامية والانفتاح على العالم والتطلع إلى المستقبل. إنه يومٌ نعبّر فيه عن اعتزازنا بثقافتنا وتراثنا الغني، وفي الوقت نفسه عن استعدادنا لمواكبة التغييرات العالمية.

وأردد بكل حب قول الشاعر:

وطني لو شغلت بالخلد عنه

نازعتني إليه في الخلد نفسي

إنّ شعار اليوم الوطني الـ95 “عزّنا بطبعنا” يترجم بعمقٍ مفهومَ الهوية السعودية، ويُرسِّخ قيم الفخر بالذات والإصرار على النجاح، بأسلوبٍ يعكس الطابع السعودي الأصيل. هذا الشعار يحمل في طياته دلالاتٍ عظيمة: (عزّنا) يعني الفخر والكرامة، وهو ما نستمده من تاريخنا العريق وقيمنا النبيلة وإنجازاتنا المتواصلة. إنه اعتزازٌ لا يتزعزع بالوطن وبالانتماء إليه. أما (بطبعنا) فيشير إلى الأصالة والتفرد. إنه تأكيد على أن المجد ينبع من شخصيتنا السعودية الفريدة التي تجمع بين الكرم، والشجاعة، والشهامة، وحب الخير، والإصرار على تحقيق المستحيل.

هذا الشعار دعوةٌ لنا جميعًا لنكون فخورين بأنفسنا، وبأخلاقنا، وبتراثنا الذي يُميزنا، وأن نحول هذا الفخر إلى عملٍ وإنتاجٍ يخدم الوطن ويسهم في رقيه وازدهاره.

كل عامٍ يأتي اليوم الوطني ليُتوِّج عامًا من الإنجازات المتتالية. وفي ظل رؤية 2030 الطموحة، شهدت المملكة قفزاتٍ نوعية في مختلف القطاعات: من مشاريع البنية التحتية العملاقة مثل نيوم والقدّية، إلى التطورات في قطاعَي التعليم والصحة، وصولًا إلى تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع. لم يعد التقدم مقتصرًا على المدن الكبرى، بل وصل إلى كل ركنٍ من أركان الوطن. التطورات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية كلها تُعَدُّ ثمارًا لجهودٍ مخلصة ورؤيةٍ حكيمة، وهي وقودٌ لمسيرةٍ لا تتوقف.

 اليوم الوطني فرصةٌ للتأمل في هذه الإنجازات، واستشعار حجم المسؤولية التي تقع على عاتق كل مواطنٍ للمساهمة في استكمال هذه المسيرة المباركة. إنه يومٌ نحتفل فيه بماضينا المجيد، ونفخر بحاضرنا المشرق، ونتطلع إلى مستقبلٍ أكثر إشراقًا. فكل عامٍ ووطني الغالي بألف خير.

أنتِ يا أرضَ الحرمينِ لنا

جنةٌ طاهرةٌ لا تُضام.

كاتبة رأي