كُتاب الرأي

طوق النجاة المفقود

بقلم/ د. شادي الكفارنة

طوق النجاة المفقود

نبحث كل يوم عن طرق تبقينا على قيد الحياة، وتنير لنا طريق النجاة من حرب الإبادة الجماعية جراء العدوان على غزة التي يُفتك فيها أجسادنا وتدمر بيوتنا وتنزع أنفسنا من أجسامنا وتعذب الملايين منا الذين يبحثون عن أمل النجاة؛ لكن كل محاولاتنا تبوء بالفشل في البحث عن طوق النجاة الذي يخرجنا من ظلمات المجهول إلى نور الحياة، إن طريق النجاة مُعبد بمخاطر الموت والعذاب الدائم، ونحاول في كل مرة البحث بكل الوسائل لنصل إلى الطوق الذهبي الآمن ؛ ولكن نتفاجئ بأنه طوق أسود مميت يقتلنا و يحكم علينا قبضته الدموية الحمراء بلون دمنا ويتحول رماديًا بألوان حروق أجسادنا ، ولم نشعر لحظة بالأمان ولا للمحة بصر بالاستقرار الذي نبحث عنهما ضمن أولويات حياتنا ؛ ولكن للأسف شعرنا بخطر الموت الذي أفقد حياتنا.

إن طوق النجاة كنز ثمين ويستحق التعب والمعاناة للبحث عنه، ولا يعرف قيمته إلا الذي يفقده كما فقدناه نحن الآن من خلال التعرض لمخاطر الموت ، لقد مضى عام كامل والموت المحقق يزيد ونحن نبحث عن طرق الوصول لطوق النجاة، ولكن في كل مرة نفشل في الوصول إليه كلما حاولنا البحث نجد أنفسنا في مسرح الموت دون طوق النجاة ، لقد تعبنا هلكنا ضعفنا هزلنا هرمنا كبرنا قرونًا من الزمان ونحن في خيمة الموت المرقعة بالهموم المتزايدة، كلما تقدمنا خطوة للبحث عن طوق النجاة نجد أنفسنا أميالًا للخلف، بتنا على يقين بأنه كلما طال أمد الحرب صارت فرصة نجاتنا أقل ، والموت ينتظرنا على قائمته آخذًا ضحايا جدد من المقهورين ظلمًا والمكسورين فؤادًا، لكن بالرغم من هلاكنا في البحث عن طوق النجاة إلا أننا لم نيأس في البحث عنه في الأماكن الأقل أمانًا والأكثر دمويًا والأشد فتكًا .

يا لصعوبة النجاة التي تقهرنا وتبيدنا ! صرنا كل يوم نحلم بأن نجد طوق النجاة حتى يحيط بنا ونشعر بالأمن والسلام.

كاتب رأي فلسطيني

الدكتور/ شادي الكفارنة

أكاديمي وكاتب رأي فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى