(طبطبة ومجاملة)

أحلام أحمد بكري
(طبطبة ومجاملة)
أعلم أن حديثي عن مصطلح الطبطبة قد يروق للبعض ويزعج الكثيرين..
سأضع مجموعة من الاستفسارات والملاحظات، وأترك الحكم لكم..
ألستم معي بأننا ننجذب لمن يوافقنا الرأي، ونأنف ممن يعارضنا..؟
كذلك، نحب من يمدحنا ويسمعنا ما يروق لنا، ونراه أقرب العالمين إلينا، بينما من يصارحنا بما نحن فيه نقصيه، ونرى أنه يُنكِئ جراحنا ويتعمد إيذاءنا..!؟
أتلاحظون أن أحاديثنا مع من حولنا يعتمد قبولها على من يطبطب علينا بكلمة أو تصرف حانٍ..؟
ونحن نعلم في قرارة أنفسنا بأنهم يجاملوننا، عفواً (يطبطبون) علينا..!
المجاملة أسوأ جريمة يرتكبها الإنسان، لها طعم لذيذ، ولكن لها تأثير ومفعول المخدر..
هل بلغنا من الهشاشة الداخلية الشيء الكثير، لدرجة علمنا بكل عيوبنا، ولكن لا نريد أن نسمعها بأصوات غيرنا، ونفرح عندما يبدّلها الغير بمجاملة..!؟
قديماً قالوا: “النصيحة بجمل”، بينما لا محل لها حديثاً بين أوساط الناس..
يُقال لمن يمتلك النصح الآن “جريء”، والبعض يراها “وقاحة”..
وهنا، قارئي الكريم، لن أخلط بين من يبرز لي عيوبي، ويلامس خطأ مني مُناصحاً ومُحباً، مُدارياً ومُوارياً نصيحته لي عن أعين الناس، خوفاً عليّ من أن تصل المناصحة إلى التجريح، وبين من يتعمد تصيد أخطائي، ناشراً لها بين البشر..
أنا لا أقف هنا في وجه الكلمة الحلوة، والمجاملة الرقيقة، والطبطبة الناعمة، فنحن في زمن أحداثه مهولة، ونحتاج للأمان فيه ولو بكلمة عابرة..!
ولكن، يجب أن نميّز بين من يجامل، وبين من يرى هفواتك ويبتسم.. وأحياناً تعلم ما يُحاك خلفك وما يُقال، وتفرح أنه لا يُقال لك أمامك، لا لشيء سوى أنك تحب من يطبطب عليك..!
كن قوياً، وجانب المجاملة، واطلب ممن حولك أن يلامسوا أخطاءك ويناقشوها بصراحة معك، فقد تكون أعمى من جانب، ولديهم كل الرؤى عنك، فدعهم يبصرونك وينتشلونك مما أنت فيه.
يقول الشافعي رحمهُ الله:
تعَمَّدني بِنُصحِكَ في انْفِرادِي
وجنِّبني النصيحة َفي الجماعهْ
فإِنَّ النُّصْحَ بينَ النّاسِ نوْعٌ
من التوبيخِ لا أرضى استماعه..