كُتاب الرأي

ضغوط العمل ومستويات الإبداع

ضغوط العمل ومستويات الإبداع

يحلمُ الكثير من طالبي العمل قبل أن يتحصلوا على منصب عمل بمصدر دخل يضمن لهم رزقًا ثابتًا ويحفظ لهم كرامتهم، ويُوفق العديد منهم في الظفر بهذه الوظيفة، ومع مرور الوقت يتسلل الملل إليهم وتقل مساحات الإبداع لديهم، ويبدأ مستوى كفاءتهم بالتناقص شيئًا فشيئًا، كل ذلك يحدث على الرغم من امتلاكهم لكفاءات عالية ومحبتهم لمجال عملهم وتفانيهم في أدائه، ولو بحثنا في أصل المشكلة لوجدنا أنها تتعلق في كثير من الأحيان ببيئة العمل وضغوطه التي لا تتوافق مع تطلعات موظفيها.
تختلف بيئات العمل من مؤسسة إلى أخرى، فهناك مؤسسات تفتقر إلى بيئات العمل الملائمة لمتطلبات موظفيها بسبب ضغوط العمل التي تحدُّ في كثير من الأحيان من إنتاجية موظفيها ومردوديتهم، وتتسبب لهم في آثار صحية واجتماعية ونفسية، وتختلف هذه الضغوط بين ساعات العمل الطويلة التي تنهك العاملين وتؤدي إلى الشعور بالملل وبين نقص الإمكانيات المادية والتنظيمية، إلى جانب ضغوط أخرى لا تقل أهمية عما ذكرنا، وهي إحاطة أنفسنا بزملاء عمل دائمي الشكوى والتَّذمر؛ ذلك أن مصاحبة هذا النوع ينقل إلينا طاقتهم السَّلبية لنفقد مع مرور الوقت شغف العمل ونصبح مثلهم.
إن العمل في بيئات كهذه من شأنه أن يفرز لنا آثارًا سلبية تعود على المؤسسة نفسها، كالتَّسرب الوظيفي وارتفاع نسبة الإهمال والتغيب، بل قد يترك الموظف عمله حالما يحصل على فرصة عمل مناسبة أكثر، ناهيك عن المشكلات الصحية والنَّفسية التي قد يتعرض لها طيلة مسار عمله نتيجة بذله قصارى جهده في محاولة التكيف أو السيطرة على هذه الضغوط.
وعلى النقيض من ذلك نجد أن العديد من المؤسسات الرائدة قد حققت قفزة نوعية في أدائها بفضل إيلاء كادرها البشري أهمية قصوى من مختلف الجوانب المادية والتقنية والنفسية، ما ينعكس في الأخير على أداء الموظفين ورضاهم الوظيفي ويجعلهم يسعون إلى تطوير ذواتهم والتميز والعمل بكل شغف وإبداع لتحقيق أهدافهم وأهداف المؤسسة التي يعملون لصالحها، بل يتعدى الأمر إلى الابتكار وتقديم الحلول والخطط الإبداعية التي تسهم في تميز المؤسسة ورقيها نحو الأفضل.
بقي أن نقول إن توفير ظروف العمل الملائمة تسهم في بث الراحة والطمأنينة في الموظف وزيادة حجم الرضا الوظيفي لديه، ما ينعكس على كفاءة المؤسسة وأدائها وسمعتها.

عبدالعليم مبارك

عبدالعليم مبارك سيد

كاتب رأي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى