كُتاب الرأي

ضع رهانك على الأصغر سنًا

 

في برنامج (الموهوبون في الأرض) للصحفي والكاتب المصري بلال فضل، تحدث عن تجربة المطرب عمرو دياب -والذي تجاوز الستين عامًا ما شاء الله حفظه الله لمحبيه وجمهوره- وكيف أن عمرو دياب أخبره بأنه دائما ما يراهن على الشباب، ولذلك فكل العاملين معه في المنزل والنادي والاستديو وغيرها لا يتجاوزون الخامسة والعشرين والعديد منهم لم يبلغ العشرين بعد، والسبب أن روح الشباب حوله ولغتهم وطاقتهم تساعده على الإنجاز وكذلك في اختيار الأغاني المناسبة لهذا الجيل، ورغم أن صوت عمرو دياب صنف في مرحلة من المراحل برفقة محمد منير وعلي الحجار وغيرهم بأنهم خلفوا الرواد محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ ومحمد فوزي وفريد الاطرش والبقية، لكن عمرو اتخذ طريقا مغايرا وأسلوبا يميزه وحده فقط وأغانٍ لا تغيب عن الذاكرة..

وفعلًا، هذه القناعة حول العالم أكسبت شركات إنتاج مثل مارفل ولوكاس فيلم (حروب نجمية) في امبراطورية ديزني وكذلك روايات مثل سلسلة هاري بوتر وعوالم بيرسي جاكسون والأولمبيين وكذلك سيد الخواتم وأغنية النار والثلج (لعبة العروش) وروايات مصرية للجيب مع الخالدين د. نبيل فاروق ود. أحمد خالد توفيق ورفاقهم والعديد من الروايات التي لا يتسع المجال لذكرها، كان التوجه للشباب وروح الشباب عاملًا لكسب المليارات وإنتاج أعمال نوعية مختلفة ألهمت أجيالا بعد أجيال ، وكان الرهان على الشباب ناجحا في كل مرة..

التعامل مع فئة الشباب ممتع، رياضة وثقافة وفن وهوايات شتى، حماس وإرادة ورغبة في إثبات الذات، يقدرون جدًا من يتيح لهم الفرصة ويدعمونه كذلك ويتخذونه قدوة ينافحون عنه ويؤمنون بقضيته ورسالته في الحياة، وهذه الفئة قد تمتد من (14 – 29 عامًا ) ولهذا تفسير لطيف قد أتحدث عنه في مقال قادم عن المراحل العمرية السبعة قبل النضوج التام لرحلة الإنسان..

لذلك تجد العاملين في مجالات التعليم والتدريب في المدارس والجامعات والشركات يحتفظون بنشاطهم ووهجهم حتى سن الستين وذلك لأن العطاء متبادل والطاقة تنتقل بسلاسة بينهم، بعكس من يتعامل مع الأطفال مثلًا أو المرضى أو كبار السن ولأنه يعطي أكثر مما يستقبل فهذا يستنزفه وله أجر عظيم..

إن التوجه بخبراتك نحو الشباب ضرورة قصوى لاستمرارية العطاء ، وهم إن لم يستقبلوا من أهل الموهبة والخير والإبداع فسيستقبلوا من النقيض، وهذا ما يجعل الأعداء من شياطين الإنس والجن يستهدفون الشباب بقوة، ونحن أمة شابة وقدوتنا في ذلك نبينا ﷺ الذي أعطى للعديد من شباب الصحابة فرصة ليثبتوا ذواتهم، وهذا الشيء -الاهتمام بالشباب- كذلك يصب في صميم رؤية المملكة 2030..

لن أتحدث عن رأيي في النخبة والنخبوية وانغلاقهم على أنفسهم بعيدًا عن الأجيال الشابة فرأيي قد لا يروق للبعض وقد ندخل في جدال عقيم، لذلك أعود للعنوان وهو وصية لكل من لديه شيئ يقدمه لهذا العالم في أي مجال: صديقي المبدع (ضع رهانك على الأصغر سنًا)..

كاتب رأي وقاص

 

وليد قادري

كاتب رأي وقاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى