صناعة القرار

في رحلة الحياة الممتعة اليومية يبقى تنقلنا وبقاؤنا رهن خياراتنا ، ورهن ما نراه ونسمعه ! وقد تكون لمشاعرنا الدور الكبير في التأقلم مع بيئات الحياة المختلفة سواء كانت الحياة الزوجية أو الحياة العملية أو حتى فيما نمارسه من الأنشطة والرياضة .
الاختيارات والبدائل في حياتنا اليومية والأسرية قد تصحبها بعض الظروف التي تجعلنا نميل إلى اختيارات محددة دون غيرها ، وأحياناً لا يوجد إلا اختيار أو بديل واحد فقط حسب رؤيتنا ! فنقوم باختياره وتمضي هكذا الحياة بنا ، أو ربما لا نرى في مشاهداتنا القريبة إلا هذه البدائل وتلك الاختيارات ! والحقيقة قد تكون غير ذلك تماماً ! .
مما يساهم في تشويش اختياراتنا قلة المعلومات والمعارف عنها ، وكذلك زوايا الرؤية التي ننظر من خلالها إليها ، وربما ضعف الحماس للأهداف التي نرغب في تحقيقها الآن ! أو بعد زمن قريب في المستقبل الواعد .
وقد يكون الخوف من المغامرة والمبادرة والإقدام مما يساعد في التشويش وضعف الرؤية والتريث الطويل وقلة التجارب والخبرات التي خضناها في حياتنا !.
كذلك الجلوس مع الأشخاص الخطأ ، والسماع منهم ولهم ، ثم التسليم والتصديق بما هرفوا بما لم يعرفوا ! وترك الإقدام والمبادرة والشجاعة ، وعدم رفع الرأس إلى أعالي الآفاق !
حقيقة صناعة القرار هو اختيار بين بدائل لتحقيق هدف طموح محدد يمكن تقييمه والحكم عليه من الناحية الإيجابية أو السلبية .
وحياتنا اليومية والأسرية والعملية الاجتماعية الإنسانية عبارة عن صور متعددة ومتنوعة من القرارات المختلفة والمتباينة منها ، يمكن تصنيف تلك القرارات كالتالي :
أولاً : القرارات الصغرى :
وهي القرارات المختلفة اليومية ، التي لا تحتاج سوى معرفة الأهداف والمقاصد ووجود المعلومات والمعارف حاضرة في حينه ثم تتخذ تلك القرارات بشكل فوري ! والتي يمكن كذلك التراجع عنها بشكل فوري كذلك :
مثل قرار النوم ، قرار الزيارة ، قرار الذهاب للحديقة ، قرار ممارسة الرياضة وغيرها من القرارات اليومية والأسبوعية.
ثانياً: القرارات الوسطى:
وهي تلك الاختيارات التي تحتاج إلى دراية ووقت وجمع معلومات ومعارف أكثر دقة وتحتاج في بعض الأوقات إلى مستشار فيها كالتسجيل في الكلية أو كلية محددة أو في مدرسة للأولاد أو شراء بعض الاحتياجات الضرورية لكن بثمن أغلى ففي هذا النوع من القرارات تحتاج إلى الهدوء والتروي ووجود البدائل والخيارات وتحديد الأهداف والمقاصد بصورة واضحة ، والمشاركة مع الزوجة مع الزوج مع الأولاد مع الأسرة الكريمة.
ثالثاً: القرارات الكبرى :
تكون البدائل والاختيارات كلها موجودة مع درجات عالية فيها من القوة ووضوح الأهداف والمقاصد مع الاستعانة هنا مع المستشارين البارزين والمختصين في هذا الشأن، وهنا في هذا النوع من القرارات يكون لها آثار كبيرة على الحياة الفردية أو الزوجية والأسرية والعملية كقرارات الزواج والطلاق وشراء منزل أو سيارة أو المشاركة في مشروع تجاري كبير أو غير ذلك من القرارات المختلفة التي على الإنسان أن يتريث فيها لأن لها آثار كبيرة وعظيمة على مصادر قوته .
وكما قدمنا فحياتنا في حقيقتها ألوان وأشكال مختلفة من
القرارات الصغرى اليومية أو الوسطى ذات الأثر الكبير نسبياً أو الكبرى على حياتنا والتي تعتبر نقطة تحول كبرى في حياة أصحابها ولذا يمكن من خلال ما سبق توصيف القرار بأنه : هو اختيار بين بدائل لتحقيق هدف طموح في المستقبل ، أي لكي يكونالإنسان قادراً على اتخاذ القرار يجب أن تتوفر لدية الأمور التالية والتي هي مراحل صناعة القرار :
أولاً : الأهداف الطموحة والمقاصد السامية والتي تتوافق مع القيم والمبادىء والأخلاق فكلما غابت الأهداف والمقاصد فلا قرار صحيح .
ثانياً: وجود الإنسان الحقيقي الطموح صاحب السمو والهمة العالية والغايات النبيلة والقدرات والملكات والمواهب الجميلة.
ثالثا: توفير المعلومات والمعارف التي تساعد على إتخاذ القرار الصحيح الصائب.
رابعاً : توفير البدائل والاختيارات المتدرجة والواضحة والتي تعطي صاحب القرار الإتجاه الصحيح الصائب في أي اختيار .
خامساً: الاستخارة وهي طلب الخيرة من الله تعالى بالركعتين الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سادساً: التوكل على الله تعالى في اختيار البديل المناسب وتجريبه وعدم التردد في ذلك.
سابعاً : تقويم البديل المطبق والمجرب بعد تجريبه لكي يعمم بعد ذلك ويصبح هو الحل في مثل هذه التحديات والصعوبات والعقبات إن كان التقويم إيجابياً ، والتوقف عن هذا كان الحكم سلبياً..
فكم نحن اليوم بحاجة في بناء قراراتنا الشخصية والأسرية والعملية إلى فهم أنواع القرارات المختلفة وفهم معنى القرار وفهم مراحل وخطوات بناء القرار الصحيح ثم تطبيق ذلك في مراحل صناعة القرارات في حياتنا اليومية ؟!.
وتدريب أولادنا على ذلك الفهم والوعي؛ وجعل ذلك كله من أساسيات حياتهم اليومية والأسرية السعيدة فهو من أسرار سعادتهم وقبولهم للحياة الطبيعية الجميلة.
فالنجاح قرار ، والثبات والصبر قرار ، والتفوق الحقيقي والتميز والإبداع قرار ، والمشروع الناجح قرار ، والزواج قرار ، والسعادة الحقيقية قرار .
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.