شَجَرَة طَيِّبَة أَصْلُهَا ثَابِتٌ

الكاتب : أبو حماد ناصر الأنصاري المليباري
شَجَرَة طَيِّبَة أَصْلُهَا ثَابِتٌ
يضرب الله تعالى مثلًا للإيمان به بالشجرة الطيبة، ويضرب مثلًا للكفر به بالشجرة الخبيثة، والشجرة من الآيات الكونية.
يقول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ) (إبراهيم:٢٤-٢٦)
يضرب الله في هذه الآيات مثل الكلمة الطيبة، والكلمة الخبيثة، لتصوير سنته الجارية في الطيب والخبيث في هذه الحياة. فالكلمة الطيبة : كلمة الحق كالشجرة الطيبة ثابتة سامقة مثمرة، ثابتة لا تزعزعها الأعاصير، ولا تعصف بها رياح الباطل، سامقة متعالية تطل على الشر والظلم من عل، مثمرة لا ينقطع ثمرها، لأن بذورها تنبت في النفوس المتكاثرة آنا بعد آن.
والكلمة الخبيثة :كلمة الباطل كالشجرة الخبيثة، قد تهيج وتتعالى، ويخيل إلى بعض الناس أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى، ولكنها تظل نافشة هشة، وتظل جذورها في التربة قريبة حتى لكأنها على وجه الأرض، وما هي إلا فترة ثم تجتث من فوق الأرض، فلا قرار لها ولا بقاء.
وفسرت الكلمة الطيبة: بكلمة التوحيد، ودعوة الإسلام، والقرآن. والشجرة الطيبة: بالنخلة، وبشجرة في الجنة.أما الكلمة الخبيثة: فهي الشرك بالله، والدعاء إلى الكفر، وتكذيب الحق. والشجرة الخبيثة: بالحنظلة. ولعل المراد من هذه الألفاظ جميع المعاني المتقدمة. والعبرة ظاهرة ومقنعة في هذه النماذج الثلاثة، وهي قليل من كثير ممّا في القرآن من أمثال هادفة ورائعة.
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله :
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: (مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً ) شهادة أن لا إله إلا الله، كشجرة طيبة وهو المؤمن، (أَصْلُهَا ثَابِتٌ ) يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن، (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء، وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد: إن ذلك عبارة عن عمل المؤمن، وقوله الطيب، وعمله الصالح، وإن المؤمن كشجرة من النخل لا يزال يرفع له عمل صالح في كل حين ووقت وصباح ومساء. كذلك الكفر لا أصل له ولا فرع، ولا يصعد للكافر عمل، ولا يتقبل منه شيء
المراجع:
ابن كثير، إسماعيل بن عمر. تفسير القرآن العظيم. تحقيق حكمت بن بشير بن ياسين، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، السعودية، الطبعة الأولى، 1431 هـ
كاتب رأي – الهند