كُتاب الرأي

شموخ الاخلاق وسقوط السلوك

سويعد الصبحي

شموخ الاخلاق وسقوط السلوك

الأخلاق هي جوهر النفس ومحرّك السلوك وميزانُ القيم الذي به يُعرف الإنسان ويُقاس قدره بين الخلق.
إنها البوصلة التي توجه خطى الفرد في دروب الحياة وترسم ملامح حضوره في قلوب الناس وعقولهم.
غير أن الأخلاق ليست صنفًا واحدًا بل منها ما يعلي قدر المرء ويهديه إلى معارج الكمال ومنها ما يهوي به إلى دركات المهانة والخذلان.
في هذا المقال نقف عند معالم الأخلاق التي تبني الإنسان ونكشف وجوه تلك التي تهدمه وتطمس أثره.
أولًا: الأخلاق التي تبنيك
الأخلاق الرفيعة هي لبنات في صرح الشخصية لا يُشاد بها بنيان الإنسان إلا وتجلّى أثرها في القول والعمل ومن أبرزها:
١. الصدق
الصدق أساس الفضائل وعمود الأخلاق به تستقيم المعاملات وتطمئن النفوس وتُبنى الثقة بين الناس. الصادق لا يخشى كشف النوايا ولا يخدع أو يلتف بل يظهر على حقيقته فينال احترام الناس ويكون موضع ثقتهم.
٢. الإحسان
الإحسان روح الأخلاق وهو أوسع من مجرد العطاء إذ يشمل حسن المعاملة ولين القول وتجمّل السلوك. من يحسن إلى الناس يزرع في قلوبهم مودة وفي نفوسهم عرفانًا ويخلق بيئة تفيض بالمحبة والتراحم.
٣. التواضع
التواضع زينة الحكماء وعلامة العظماء ليس في التواضع ضعف بل فيه رفعة إذ يدل على إدراك المرء لقيمته من غير أن يُحقّر غيره.
المتواضع محبوب بين الناس قريب إلى القلوب لأنه يراهم بعين المساواة.
٤. العدل
العدل أساس الاستقرار وبه تُصان الحقوق وتُبنى مجتمعات متماسكة.
العادل لا يميل به الهوى ولا يغريه النفوذ بل يعطي كل ذي حق حقه ويزن الأمور بميزان الإنصاف فيكسب احترام من حوله وثقتهم.
هذه الأخلاق ليست مجرد صفات بل هي قواعد ذهبية يرتكز عليها النجاح في الحياة الشخصية والاجتماعية وهي التي تصنع للمرء هيبةً وهيبةً وذِكرًا لا يُمحى.
ثانيًا: الأخلاق التي تهدمك
بالمقابل ثمة أخلاق كالسوس تنخر في بناء الشخصية وتُفسد العلاقات ومن أبرزها:
١. الكذب
الكذب بداية الانهيار وهو سمٌّ قاتل للثقة.
قد يظن الكاذب أنه يخدع الآخرين لكنه في الحقيقة يخدع نفسه أولًا لأن الكذبة لا تلبث أن تُفضح، فيسقط القناع وتهوي معه كل جسور العلاقة.
٢. الغرور
المغرور يرى نفسه فوق الخلق فيتعالى ويتكبّر فينفر منه الناس ويعزف عنه القريب والبعيد.
الغرور يعمي البصيرة ويمنع المرء من رؤية عيوبه فيبقى أسير وهمه متوهمًا أنه الأفضل.
٣. الظلم
الظلم من أبشع الصفات وهو سببٌ رئيسٌ في خراب النفوس والمجتمعات.
الظالم لا يلبث أن يُجازى ولو بعد حين فدعوة المظلوم لا تُرد وسوء الظلم لا يُنسى وما بُني على باطلٍ فهو إلى زوال.
٤. الخيانة
الخيانة تهدم أثمن ما يُبنى بين الناس: الثقة. ومن يخن في مال أو عهد أو علاقة يطعن في صميم القيم ويترك خلفه أثرًا لا يُمحى من الجرح.
لا شيء يكسر القلوب كخيانة الأمانة ولا شيء يجرح كغدر المقرّبين.
ثالثًا: كيف تختار أخلاقك؟
الفارق بين من تبنيه أخلاقه ومن تهدمه هو وعيه واختياره. فالأخلاق لا تُفرض بل تُكتسب ويصقلها الإنسان بتربية النفس ومحاسبة الضمير. ولكي تختار طريق الفضيلة، لا بد من:
• مجاهدة الذات: علّم نفسك ما تجهله من مكارم الأخلاق وراقب سلوكك وكن صريحًا في محاسبة نفسك.
• صحبة الصالحين: فالصديق مرآة ورفيق الخير معين ومن عاشر أهل الأخلاق الرفيعة اقتبس من نورهم.
• تأمل العواقب: قبل أن تفعل أو تقول اسأل نفسك: هل ما سأقوم به يرفع قدري أم ينقصه؟ هل يورث محبة أم نفورًا؟
الأخلاق هي المرآة الصادقة التي تعكس صورة الإنسان الحقيقية وهي الدرع الذي يحفظه من السقوط والسلم الذي يرفعه إلى المعالي.
فاختر أن تكون من أهل الصدق والإحسان والتواضع والعدل ولا تغرنك لحظة نفعٍ زائف مبني على كذبٍ أو خيانة.
فكما أن للأخلاق الطيبة أثرًا لا يُنسى فإن للسيئة منها ندوبًا لا تندمل.
فهل أنت ممن يبني أم ممن يهدم؟ القرار بيدك والنتائج تبقى معك ما دمت حيًّا.

كاتب رأي و إعلامي

سويعد محمد موسى الصبحي

كاتب رأي وإعلامي رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى