كُتاب الرأي

سُلطة الفكرة: كيف يُــعيد العقل تشكيل الشعور والسلوك؟

سُلطة الفكرة: كيف يُــعيد العقل تشكيل الشعور والسلوك؟

 الأفكار السلبية تُــؤثّـر تأثيرًا مباشرًا على المشاعر، ومن ثَــمّ على السلوك.

 في علم النفس، تُــفسّر المشاعر على أنها نتيجة مباشرة للتفكير؛ فالأفكار هي المصدر الأساسي الذي يُــولّد المشاعر- سواءً إيجابية أو سلبية -، وعندما تتشكّل المشاعر، فإنها بدورها تُــوجّه السلوك، ممّا يعني أن الطريقة التي نُـفكّــر بها تنعكس على تصرفاتنا اليومية.

 وقد أشار إلى هذا الترابط العميق الفيلسوف الصيني في وصفته الوقائية من أجل تحسين جودة حياة الإنسان: ” راقب مشاعرك؛ لأنها ستتحول إلى أفكار، وراقب أفكارك؛ لأنها ستصبح كلمات، ثم راقب كلماتك؛ لأنها ستتحوّل إلى أفعال”.

 هذه الوصفة تبرز كيف أن الفكر هو نقطة الانطلاق في سلسلة تمتد إلى السلوك، مرورًا بالمشاعر والكلمات. لذا فإن إدراكنا لأفكارنا ومراقبتها يُعد خطوة أساسية في تحسين مشاعرنا وتعديل سلوكنا.

 حدّثني أحد الزملاء قائلًا: ” أنه ذات يوم دخلت إلى قاعة الامتحان، وأنا أحمل في ذهني فكرة واحدة: ” أنا سأفشل مهما حاولت، ولن أنجح”.

 ثم تابع حديثه بقوله: “هذه الفكرة تسلّلتْ إلى مشاعري، فشعرت بالقلق، ثم الخوف، ثم بالعجز، وعندما بدأت الامتحان، لم أستطع التركيز، وخرجتُ من قاعة الامتحان قبل أن أُكمل الامتحان.

 بعد ذلك بأيام، جلست مع أحد المعلمين، وتحدّثت معه عن تلك الفكرة، فقال لي:

“الفشل في تجربة لا يعني أنك فاشل، لكن المهم هو أن تتعلّم وتعيد المحاولة”.

 وأردف قائلًا: “بدأت أُبدّل أفكاري شيئًا فشيئًا، ومعها تحسّنت مشاعري، وشعرت بالهدوء والثقة بنفسي، وفي الاختبار التالي دخلت القاعة بذهن مختلف، وكان أدائي كذلك مختلف، واستطعت على التحكّم على أفكاري وانفعالاتي”.

 هذه القصة تُوضّح كيف أن الأفكار هي الجذر الأول في سلسلة تُـؤثّـر على المشاعر، ثُــمّ على السلوك، فحين تتغيّــر الفكرة، يتغيّــر كل ما يليها، وهذا بالضبط ما يُـؤكّــده علم النفس المعرفي، وما عبّــر عنه الفيلسوف الصيني في وصفته الوقائية حول مراقبة الأفكار؛ لأنها ستتحوّل إلى أفعال.

 وما توصّلت إليه بعد هذه القصة، هو أن السّـر لم يكن في مجرد تجاوز الموقف، بل صفاء ذهن الزميل، وثقته بالله، وقدرته على التحكم بأفكاره وانفعالاته

  إن توكّله على الله، ومواجهته للصعوبات

 -دون تراجع-، وهذا ماصنع منه إنسانًا أكثر وعيًا، قادرًا على ضبط النفس، وتصفية الذهن، والعيش بعيدًا عن الضغوط مهما كانت الظروف.

 وهذا الاستطراد سيقودنا إلى الحديث عن بعض الأساليب التي تُــساعدنا للتحكّـم في المشاعر السلبية:

1. التوكّــل على الله.
2. التفاؤل الحسن.
3. الثقة بالنفس، وعدم التشكيك في قدراتك.
4. خذ نفس عميق أثناء شعورك بالمشاعر السلبية.
5. غيّــر من طريقة تفكيرك.
6. كن أكثر إيجابية، فانظر إلى الوجه المشرق.
7. ركّــز على إيجاد الحلول للمشكلة أكثر من تركيزك على الأسباب.
8. الثقة بالنفس، ومواجهة الصعوبات بكل قدرة واقتدار، وبكل عزيمة وإصرار.
9. تحويل الفكرة لحدث أو موقف سعيد.
10. ابتعد عن الأشخاص السّـلبيين.
11. شارك الآخرين همومك أو يومياتك الذين تثق بهم، ناهيك عن البعض الذي يهوّل الأمور، فيزيدك همًّا وغمًّا.
 

بقلم: تركي بن عطية المالكي 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى