كُتاب الرأي

سيكولوجية العمل

سيكولوجية  العمل

طبيعة  العمل الذي   يعمل  به  الموظفون يحدد  في كثير  من  الأحيان   طباعهم  وطبائعهم وأخلاقهم   وسلوكياتهم  وتصرفاتهم  وربما  أفكارهم وأكثر  ما يميزهم   عن  الآخرين   !  وقد  نرى بعض  الأفراد من  غير  العاملين  ونتعامل   معهم  ؛  فنقول  لهم   إن هم  طلبوا  منا الاستشارة  :  أنتم  تصلحون  في  هذه  المهن  أو تلك !  ، وربما  لو  تم التركيز  منهم على  جوانب  معينة  كان   الأفضل  لهم  ذلك  العمل  أو  ذلك  المجال   أو  تلك  الوظيفة .
جميع  الكائنات والمخلوقات والعوالم الحية  تسعى في  سحابة نهارها وأطراف ليلها  إلى توفير  احتياجاتها ومتطلباتها الضرورية للحياة من  المآكل والمشارب والمساكن،  والإنسان  عضو فاعل  وفعال  من هذه  الجموع  الغفيرة غير  أنه يملك العقل الكبير و  القدرة والقوة المطلقة  على الحركة أو السكون  والبحث عن العمل  والركون  إلى الدعة والراحة والهدوء وهو  القادر  على الإستفادة من كل  ما  سخره الله تعالى له  في الأرض أو في السماء !.
بيد   أن هناك   علاقة  وثيقة بين التربية  والتنشئة على محبة العمل  العفيف الشريف الفطري السليم  مهما  كان  ذلك  العمل  ؛ وبين  القبول   لتلك   الأعمال  والوظائف  والتفاني  في تلك الأعمال والمهن  !   فكلما زاد دور  البيت والأسرة الكريمة في فهم  العمل  الحقيقي   وطبيعة   العمل  الحقيقي والتفاني  في العمل !     والتفاني  في  مهنها  ووظائفها كان ذلك مثابة الحافز والداعم والدافع القوي  للأولاد  أن يحبوا  تلك الأعمال  ويعشقوا  الاقتراب منها ومحاكاة  أصحابها   ،  والتوجه إليها  بعد الإنتهاء من الدراسة    والتخرج من الجامعة  .
وطبيعة العمل  تعني  طبيعة   العمل عادة  المألوف !   يعني الإلتزام بالتوصيف  الوظيفي  لجميع  المهام والمسؤوليات والأدوار  المكلف بها  كموظف !  والقيام بها   خير   قيام  في  أداء    تلك  التكاليف  والمهام    أو  كما  يقال   على أكمل وجه  ممكن !  ، وهو  بهذا  المعنى من فروض الأعيان   على أصحاب الأعمال  والوظائف  كما  يقول   الفقهاء  في الفقه ،  ولا  تسقط  واجبات العمل عن  الموظف   مهما  قال وادّعى   إلا  إذا  أحضر  ما  يثبت دعواه  !
إن  الطبيعة  النفسية  للأعمال  المختلفة والمتباينة  تختلف من مهنة  إلى  أخرى  ، ومن  عمل إلى آخر  ومن  وظيفة إلى  أخرى ! وهو  ما   يعرف  ب  ( سيكولوجية  العمل  ) .
 من  أسباب  ودواعي   الاختلاف  هو طبيعة  العمل  والوظيفة  ! فمهنة الطب  تختلف عن مهنة  التعليم  ! عن  مهنة  الهندسة   !  عن  مهنة  المحاماة  !  وعن  مهنة الفلاحة  وصاحب مهنة الصناعة  ! عن مهنة   الخياطة  والتجارة  وغيرها  من  المهن والحرف  !
فجميع   المهام والمسؤوليات والأدوار   التي  في  العمل   ويقوم   بها  العامل  أو  الموظف تعتمد   على  طبيعة المهنة  والوظيفة   !  وهي كذلك  تختلف  من   مهنة  إلى  أخرى    ! .
ولذلك   فإن  صور  الناس  في  أعمالهم ووظائفهم   تتباين  وتختلف !   ما بين  مجود  مبدع محب لعمله ووظيفته  ومهنته ! وما  بين   آخرين يعطي بعضهم   بعض العطاء   والجهد وا لاهتمام !   وبعضهم يبدو   القصور والإهمال والتأخر   ظاهر  بينه  وبين    عمله  ! الذي  هو مصدر   رزقه  ومصدر  قوته  وقوت  اهله  وأولاده  ! وهو  راض  عن نفسه   كما   يقول  ويقول  دائماً  وأبداً ويردد    : لا  يكلف الله نفسا إلا وسعها  هكذا  يردد  ويرفع  ذلك  شعاراً  في سحائب أيام  عمله  ؛ لكنه  عند  استلامه  لراتبه الشهري يبدأ بالهللات  قبل الريالات والدراهم ، ويحسن   عدّ  الراتب  الشهري   مرات   ومرات  ولا  يغادر   ريالا واحدا ناقصاً   أبداً.
العاقل الكيس الفطن في كل  زمان  ومكان   وفي  كل  مهنة أو وظيفة  لا  يدخل  مع  هؤلاء  في عراك وصراع  ومراء   فإنهم أصحاب الصنعة فيها ولن يخرج  العاقل الكيس منهم  بفائدة  ؛  بل  سوف  يضر  عقله ونفسه ويمرض   قلبه  ويهدر  قيمة   وقته  إذا ذهب إلى ذلك  الطريق  وسلك تلك  الأساليب في  مجاراة  هؤلاء ؛ وركض  في مضامير   عقولهم وقلوبهم وأرواحهم وأهوائهم  وفي  ذلك  الميدان  الذي  يبرعون  فيه !
من خلال مراقبة الموظفين  والموظفات  المميزين  في  جميع  المهام والمسؤوليات والأدوار التي يؤدونها؛ وأثر   سيكولوجية  العمل  وطبيعة  العمل  عليهم  ؛  يمكن  رصد  وتوثيق عدد  من الوصايا  التي تجعل من  الموظف  المميز  والمبدع والموظفة كذلك   موظفاً  كفؤاً  رغم كل التحديات  والصعوبات التي تواجهه  في ثنايا  عمله  :
الوصيّة الأولى: الإيمان  بالنفس :
وهو الإيمان بالقدرات والطاقات والمواهب والملكات التي يحملها ويعرفها  جيدا عن  نفسه  ؛  ويسبق ذلك  الإيمان أن يتعرف ويكتشف  هذا  الموظف أو تلك الموظفة  على ما يملك من الطاقات والقدرات والملكات والمواهب التي لديهم ، والإيمان  أن  لديهم  عدد من  تلك  المواهب والقدرات والملكات والطاقات  غير  المحدودة  في كل  المجالات  عامة وفي  مجال  تخصصه   خاصة  .
الوصيّة الثانية: صناعة الرغبة في العمل :
هذه  من أهم قواعد  تميز   الموظفين والموظفات  زيادة الدافعية في أعمالهم ، وكلما كانت الرغبة لدى  الموظف حاضرة  في  العمل كلما  كان التميز والإبداع حليفه . وكان المنتج  في الصورة المثلى ، ومما  يساعد ويدعم  صناعة   الرغبة  والشغف  بالعمل  وفيه  ؛  حضور ومشاهدة وقرب الأهداف والمقاصد السامية  للنفس والأهل والمجتمع،  وكذلك الإرادة الإنسانية الصادقة القوية .
الوصيّة  الثالثة :  صناعة القدوة والرمز  من نفسه   :
وهذه  القاعدة المشتركة بين الموظف  و والعمل  وطبيعة  العمل  وصاحب العمل من المؤسسات والشركات  فكلما كانت صورة  الرمز  والقدوة   حاضرة  في ذهن  الموظف  وأرباب  العمل من المؤسسات والشركات  كان التميز  والإبداع هو الحليف  الحاضر  قي كل المنتجات والخدمات.
الوصيّة  الرابعة   :  وضوح  طبيعة العمل أو الوظيفة :
كلما كان لدى أصحاب الأعمال من المؤسسات والشركات التوصيف  الكامل  الشامل  الوظيفي  للعمل   من  الشفافية  الكاملة والوضوح  الكامل  في توصيف طبيعة  العمل   وتحديد  المهام والمسؤوليات والأدوار المنوطة  بالموظف كلما  أحب الموظف  العمل  وبذل  فيه  جهده وطاقته    ووقته  وأتى فيه بالمفيد.
الوصيّة  الخامسة :  تزويد  العامل أو الموظف بآليات نظام الترقيات :
إذا  علم  العامل  أو الموظف  في  وظيفته  بالتوصيف  الكامل لنظام  الترقيات  فيها !    فإنه سيعمل  ويؤدي  العمل  والوظيفة  على  أكمل  وجه  وسوف   يُحسن  من أدائه  وخبراته  وتجاربه  وينكعس ذلك  كله  الإنتاجية في العمل ،  وربما   سارع   في  النمو  المهني  وأنعكس  ذلك  على  جودة  الأداء   الوظيفي في العمل  والوظيفة.
الوصيّة  السادسة : إبراز وإظهار  الإنجازات:
على  قدر  ما  نطالب  أصحاب الأعمال من المؤسسات والشركات في  إظهار وإبراز  إنجازات  الموظفين باسم الشركة  أو المؤسسة وتكريمهم  وتقديرهم  ،  فإن الموظف  والموظفة   مطالب كذلك   بإبراز  أعماله  وإنجازاته وإبداعاته  وما  قدم  من إبداعات وإضافات  خلال العام .
سواء  في  الإلتزام  الصارم  بالدوام  ، والأهداف والمقاصد السامية  التي تحققت  وكذلك  في الإنجازات والإبداعات  وإن  كان يراها  صغيرة !
الوصيّة  السابعة : بناء  العلاقات   الجيدة مع جميع الأطراف :
وهذا قد  يكون   تحد  كبير  لجميع  العاملين  والموظفين  من  جهة  والمؤسسات والشركات  من جهة  أخرى  ، لكننا  نقول للموظف والموظفة  عليهم بناء العلاقات الجيدة  مع رؤوسائهم   وكذلك  مع منظومة المؤسسة أو الشركة . والسعي  إلى   التطوير والتحسين الدائم والمستمر  والفهم الحقيقي  لكل المهام والمسؤوليات والأدوار التي يؤدونها  ويقومون  بها .ولا  يترددون   أبداً في  قبول المسؤوليات والمهام الجديدة !   ولا حتى  في قبول  الترقيات !  . فعليهم  القبول بها  والتقدم  نحو أعلى  المناصب في تلك المؤسسات
والشركات  . تلك  فرص  للنمو والتطوير للأفضل والأحسن بإذن الله تعالى.
الوصيّة   الثامنة : المراجعة  المستمرة والتقويم المستمر :
تحتاج  طبيعة  كثير  من  الأعمال  والوظائف  إلى   التقويم المستمر  والمراجعة  المستمرة  لتجويد   تلك  الأعمال  والإنجازات  وكذلك  لزيادة  الخبرات  والتجارب والمفاهيم الجديدة  المفيدة والمهارات الحياتية.
الوصيّة التاسعة  : القبول لطبيعة العمل والوظيفة  :
عدم  إظهار  الرفض وكثرة   النقد  !   وكثرة  الشكوى  !   والممانعة  عن  العمل  والوظيفة  التي يعمل  بها  العامل  أو  الموظف  وعدم  السماع  لأعداء  العمل  وعشاق  الراحة  والدعة  !   فهذا  العمل  أو  تلك الوظيفة  هي  مصدر  الرزق  والقوت له !  وعليه  العمل  على  التصالح  مع المهام والمسؤوليات والأدوار  الجديدة  لهذه  المهنة  أو  تلك  ! وينظر  للجوانب   الإيجابية  فيه  !
قديما  قالوا : لكي  يبدع  الإنسان  عليه أن  يحب  ما  يعمل !
الوصيّة   العاشرة  : التطوير والتحسين الدائم والمستمر:
وهذا  شعار  جميع  الأعمال والوظائف  عامة  !  وكذلك  يجب  أن  يكون شعار   جميع  العاملين والموظفين والموظفات  في ميدان العمل الشريف  ؛ العمل الحقيقي  الذي يصبغ  العامل والموظف  بتلك  الصبغة المميزة والرائعة  والتي  يؤمن   له  فيه  القوت الحسن  والأمن والأمان والترقيات الحقيقية والعناية  والرعاية.

المصلح والمستشار الأسري

د.  سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى