*سيرةُ رَجُل ؛ينطقُ بِقُرْآن الأرض!!*

*سيرةُ رَجُل ؛ينطقُ بِقُرْآن الأرض!!*

* عبدالمحسن محمد الحارثي*

مُبارك بن بخيتان الأكلبي… رجل إذا تكلّم ؛ أنصتَتْ الأرض قبل الناس ، كأن بين ضلوعهِ مصحفًا لم ينزله وحيٌ ، بل خطّته الحياة على صفحات القلب ، وسقته التجارب من ماء البصيرة .

ينطق بقرآن الأرض.. لا يُتلى ؛ بل يُفهم ، لا يُكتب ؛ بل يُورَّث .
يُمسك الكلمة كما يمسك البدويّ رمحه ، حكيماً ، صادقًا ، مُصلحا ، حادًّا ، وناصحًا.

إن تكلّم مُبارك ؛ حسبته يقرأ من لوحٍ محفوظ ، كأن في صدرهِ قرآنٌ لم يُنزَل، قالوا: ما علمه؟
قلنا: علمه ما تسكُن به الفِتَن، ويُهتدى به في ضلال الرأي ، ينطق بحكمةٍ لا تُدرّس ، ويختصر في كلماته بصوت الحكمة وبصيرة الحُكماء ، ورجاحة الشيوخ !

مبارك بن بخيتان..إذا حضر ؛ سكن اللغَط ،
وإذا غاب ، قالت المجالس : أين الرأي؟ أين السّداد ؟!
رجلٌ تعرف الصمت بهِ ؛ إذا اشتدّ القول ، ويفصح لسانه إذا ضاع الرأي.

أبيات في وصف مُبارك بن بخيتان الأكلبي :

أيا سائلي عن مُباركٍ حين يُذكرُ
فصبْرًا، ففي ذكرِ العظيمِ تُؤزَّرُ

تربّى على وقعِ الدروبِ ، كأنّها
صحائفُ وحيٍ في الضميرِ تُسَطَّرُ

إذا قالَ، فالأرضُ العتيقةُ تُنصتُ
كأنّ الحصى من صوتِهِ يتأثّرُ

حكيمٌ، لهُ في الصمتِ فخرٌ ومَهيبةٌ
وفي لفظِهِ نورٌ، وفي الطرفِ مِبصرُ

تراهُ إذا ضاقتْ صدورٌ برأيها
يُريكَ فؤادًا باليقينِ معمّرُ

فلا زيفَ في نُطقِ الرجالِ، إذا بدا
كمثلِ الذي في صدرِهِ يتجمهرُ

كأنَّ بهِ قرآنَ أرضٍ تُليتْ به
فما خالَفَ الفطرةَ، ولا هوَ يُؤجَرُ

إذا حضرَ الجمعُ استقرَّتْ رؤوسُهم
وإن غابَ، قالوا: الرأيُ أينَ يُفسَّرُ؟

مباركُ، يا نِعمَ السكونُ إذا انبرى
ويَا نِعمَ من في صدقهِ يُتخيَّرُ !!

كاتب رأي