كُتاب الرأي

” سيذكرني قومي إذا جدّ جدهم “

” سيذكرني قومي إذا جدّ جدهم “

في عتمات المحن وضيق الأزمات ، تتجلى معادن الدول ، وتُختبر قيمها ومواقفها وتظهر حقيقتها .
ومن بين هذه الدول ، تتلألأ المملكة العربية السعودية كمنارة للنجدة، وملاذ للعون ، تمد يدها بسخاء لمن جار عليه الزمان ، أو ضاق به الحال ، أو طوحت به الأزمات شرقا وغربا.
لم يكن عطاؤها وليد مصلحة ، ولا مرهونا بشروط، بل كان – ولا يزال – فعل كرم أصيل، ينبع من عقيدتها، ويعكس رسالتها الإنسانية.

على مدى عقود، وقفت المملكة إلى جانب شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، بل وامتد عطاؤها إلى دول لا تشاركها الدين أو اللغة، لكنها تشاركها الإنسانية. فقد دعمت المملكة اليمن في وجه الحروب والانهيار، وساندت لبنان بعد الكوارث المتلاحقة، ووقفت إلى جانب فلسطين دعما للقضية، ومؤازرة للشعب. ولم تكن سوريا، أو السودان، أو الصومال، أو حتى دول آسيا وأفريقيا خارج هذا النطاق. حتى الدول الكبرى في لحظات أزماتها وجدت في الرياض شريكا يمد الجسور لا الحواجز .

لكن السؤال الذي يفرض نفسه، ويكاد يحمل شيئا من المرارة هو :

ماذا لو توقفت مساعدات المملكة ؟ هل سيذكرها القوم إذا جدّ جدهم ؟

نحن نعيش في عالم سريع النكران ، تغلب عليه المصالح، وتبهت فيه الذكريات الجميلة أمام شهوة السياسة والتقلبات. ومواقف الشكر تُبتلع أحيانا في زحمة التراشق الإعلامي ، أو تُطمس تحت وطأة التوجهات الطارئة .

فكم من مرة أُغفلت فيها جهود المملكة ، أو أُنكر عطاؤها ، أو قُلبت الحقائق لتُلبس الفضل لغير أهله !

ومع ذلك ، فإن المملكة لا تمن بعطائها ، ولا تنتظر الثناء ، لكنها ككل دولة ذات سيادة وكرامة ، تتوق لأن يُحفظ الجميل ، وأن يُرد المعروف ولو بالكلمة الطيبة. فإن لم يُذكر عطاؤها في الرخاء ، فليُذكر عند الشدة ، حين تشتد الخطوب ، وتتقاطع المصالح ، وتختفي الوعود . حينها فقط ، سيتردد صدى ذلك البيت الخالد :

سيذكرني قومي إذا جدّ جدهم
وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر

فلعلهم يدركون أن “بدر” العرب ، الذي سطع ضياؤه في أحلك الليالي ، لم يطلب شيئا سوى الوفاء ، والاعتراف بالفضل .
وإن في الذاكرة ما يكفي ، لمن أراد أن يتذكر .

……….

ابتسام عبدالعزبز الجبرين

 

ابتسام عبدالعزيز الجبرين

نائبة رئيس التحرير

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى