سيدة المسرح السعودي “ملحة العبد الله”

الدكتور عبدالرحمن الوعلان
سيدة المسرح السعودي “ملحة العبد الله”
أُطلق عليها «سيدة المسرح السعودي» د. ملحة العبد الله، لم يأتِ ذلك اللقب اعتباطاً، بل هي أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراه في المسرح، وتجاوز عدد مؤلفاتها الـ 60 مسرحية من مختلف المدارس المسرحية، فضلاً عن دورها الكبير في النقد المسرحي، وتقديم دراسات نقدية تطبيقية للمسرح.
وعن كتابتها المسرحية فهي لا تلتزم بمنهج معين أو مدرسة فنية أو أسلوب ما، وتبتعد عن كل التصنيفات الضيقة، تصنع إبداعها الكتابي الواقعي من أجل أن يجد المشاهد والقارئ متعته أياً كان اتجاهه، ونصها هو من يحدد شكله الفني النهائي.
ويبقى السؤال، متى بدأت علاقتها بالمسرح؟
بدأت علاقتها بالمسرح في فترة الستينات حين كانت طفلة صغيرة ترافق أباها الذي يعمل بالتعليم، فكان يصطحبها معه في العروض المسرحية بمدينة أبها، نشأت مدارك هذه الطفولة على الأجواء المسرحية (ديكور، إضاءة، ممثلين، مخرج، جمهور…)، فسافرت بعد ذلك إلى ميدان المسرح الحقيقي في الوطن العربي “مصر”، والتحقت في فترة الثمانينات بالمعهد العالي للفنون المسرحية، واكتسبت المعرفة المسرحية على يد رواد الأدب والدراما في مصر، مثل سناء شافع، ورشاد رشدي، وفوزي فهمي، ولويس عوض، وسعد أردش.
وفي مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، كانت من ضمن فعالياته، والاسم النسائي الوحيد بين صنّاع المسرح العربي…
من أبرز أعمالها (الطاحونة، صهيل، الجسر، السور، ضبط وإحضار…)، ولها أيضاً: «البعد الخامس في التلقي والمسرح»، «مسرح المرأة بين الأساس القبلي والتحديث»، «الجزيرة العربية: الهوية – المكان – الإنسان»، “اللذة والكدر: مقالات في المسرح والدراما”.
وفي لقاء صحفي أجرته رشا أحمد بصحيفة الشرق الأوسط (1 أغسطس 2024م ـ 22 صفر 1446هـ) أجابت عن تكريمها وقالت: “إنه شيء رائع له وهج شديد ومذاق خاص بالنسبة لي؛ لأنه اعتراف محلي وعربي وعالمي بقيمة منجزي…”
وعن بداياتها الحقيقية في المسرح، بدأت الكتابة كاحتراف بعد تخرجها في المعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بالقاهرة عام 1992، وذلك بنصين هما (أم الفاس) و(المسخ)، مشيرة إلى أن «أم الفاس» فازت بجائزة «أبها الثقافية» في السعودية برئاسة الأمير خالد الفيصل، في الوقت نفسه الذي عُرضت فيه مسرحية «المسخ» بالقاهرة، وحققت نجاحاً باهراً.
ولعل من أبرز التحديات التي واجهتها أنها برزت في حقبة زمنية كانت تحتكر العنصر الرجالي في المسرح، مع انعدام تام للمسرح النسائي والعمل الجماعي، واتجاهها إلى مصر للدراسة الأكاديمية يُعد تحدياً لها في تحقيق شغفها بالمسرح.
وعبّرت في نصوصها المسرحية عن حب الوطن والقضايا الاجتماعية.
وعن الحراك المسرحي مؤخراً في المملكة العربية السعودية، عبّرت عن فرحتها بالبكاء عندما شاهدت العنصر النسائي في افتتاح المسرح الوطني بالرياض، حتى أصبح بكاؤها مثاراً للكتابة الصحفية، فكتبوا: (لا تزال دموع الدكتورة ملحة في قاعة المسرح)، وذلك بفضل الله ثم بفضل قيادتنا التي تواكب الحضارة بشتى أنواعها ومناشطها، وقد تُوجت مسيرتها بتكليفها أول عضو بمجلس إدارة المسرح والفنون الأدائية في المملكة العربية السعودية.
وعن لقبها “سيدة المسرح السعودي”، كان في أواخر التسعينات في مقال للناقد المسرحي عبد العزيز عسيري، وأصبح اللقب ملازماً لها في الأوساط الثقافية، كما أطلق عليها الناقد والأكاديمي الراحل د. سمير سرحان، الرئيس الأسبق للهيئة المصرية العامة للكتاب، لقب (عميدة المسرح السعودي)، عندما جرى تكريمها.
وفي مثل ملحة العبد الله يفخر المشهد المسرحي في بلادنا، وعلى غرار تحديها سيسير المسرحيون والمسرحيات في بلادنا بالعمل الجاد على النهوض بالمسرح السعودي، ليأخذ مكانته الحقيقية في الميادين الثقافية والاجتماعية.
كاتب رأي و مسرح