كُتاب الرأي
سلطان مابك ، هل أنت على مايرام ؟

سلطان مابك ، هل أنت على مايرام ؟
سلطان عيد المرشدي
أنا سلطان بن عيد المرشدي أوصي بأنني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. وأوصي من تركت من أهلي وسائر أقاربي بتقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله، والتواصي بالحق والصبر عليه، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم عليه السلام بنيه ويعقوب : يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
وكلت أخي محمد بتنفيذ وصيتي ومافيها من حقوق مالية وودائع لي وعليّ ، كما اوصيه باستخراج الثلث من تركتي ووضعها في أوقاف خيرية دائمة .
انتهت الوصية .
كتبت وصيتي واعطيتها أخي ليقوم بتنفيذها حال الوفاة بعد عمر طويل إن شاء الله ، واعتدت على تجديدها كل فترة ، وارسالها إليه كلما استحدث شيٌ جديد ، خاصة مع تغير الالتزامات المالية او الودائع ، سمع بعض الاقارب والأصدقاء صنيع فعلي ، فانكروا عليّ وثاروا وغضبوا بسبب هذه الوصية ، وما دونته وارسلته لأخي ، وكأنني ارتكبت جُرما لا يُغتفر ،ليس لأجل حضوضهم في التركة ، بل لأنه أمرٌ لم يسمعوا به من قبل ! ولم يجروا أحداً على فعله من اقاربهم ومجتمعم كما اتضح ذلك من ردود افعالهم وحديثهم ، فأنا ارتكبت أمراً غير مُعتاد وغير مالؤف ! فالاستغراب والتعجب ظاهر على وجوههم ! كيف بإنسان عاقل بالغ على حسب تفكيرهم ووجهة نظرهم يستبق أجله ؟ وفي اعتقادهم أن هذا الفعل لايجوز ولا يصح بتاتاً البتة ، وأنا اعلم علم اليقين أن الكثير لايُحب ذكر الموت أمامه ، وكل ماله به صلة ، ولا يرغبون التحدث في مثل هذه الامور ، فهذا سبب رفضهم لهذه الوصية .
كثيرا مايأتينا خبر وفاة أحد الاشخاص ، وما اكثر الموت في زمننا هذا خاصة موت الفجأة، ثم بعد دفنه يبدأ اقاربه في وضع ملصقات على أبواب المساجد والمحلات التجارية تارة او عبر الرسائل الخاصة تارة اخرى ، تدعوا الجميع للتواصل معهم حال وجود التزامات مالية على قريبهم المتوفى ، مع تحديد المدة احيانا التواصل خلال شهر ، فهل تبرأ الذمة بهذه الطريقة ؟
إن افضل طريقة يعملها الأنسان في حياته كما جاء ذلك في السنة النبوية أن يكتب وصيته ، فقد قال صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، حتى لو قُدّر له الموت وهذا طريق لامفر منه عاجلا ام اجلا ، يعرف أهله كل شيٍ عنه ، ولا يتحملون المشاق والتعب للبحث عن التزاماته تجاه الآخرين او حقوقه لديهم ، فالوصية كما جاءت في السنة تكون احيانا مستحبة واخرى واجبة ، ففي عموم الوصية أنها مستحبة ، وتجب في حال ارتباطه بحقوق تجاه الآخرين مثل الدّين ، او الودائع لديه ، وينبغي أن يشهد اثنين من الثقات على وصيته كي لاتضيع حقوقه بعد وفاته ، فاغلب العقوق والخصومات بين الاخوة او الابناء هي بسبب الميراث ، وما أجمل أن ترى قامة في المجتمع ومن يملك مليارات الريالات ومصنف ضمن اغنى اغنياء الشرق الاوسط إن لم يكن على مستوى العالم على سبيل الذكر لا الحصر ، الشيخ سليمان الراجحي ورغم مايملكه من اموال طائلة نقدية كانت ام عينية يقوم بتوزيع تركته وهو حي يرزق وبكامل صحته الجسدية وسلامة صحته العقلية ، كي يحفظ الود بين أبنائه ، وينهي حضوض الشيطان للايقاع بينهم بسبب هذا الارث ، فقد قسم كل مايملك بين ابنائه وزوجاته ، فعلى كل مسلم أن لا يتخوف من كتابة وصيته ولا يربطها بقرب موته وأجله فلا علاقة لها بالقول – البلاء موكل بالمنطق – فانت بكتابتها تحفظ حقوقك ،وحقوق الناس من حولك ، وحقوق ورثتك كي لا يعبث بها عابث ولا يشقى بها قريب ، فلعلك تكتبها الآن ومنيتك لن تأتيك إلا بعد عشرات السنين ، إنما هي ورقة دُوّن مافيها لحفظ الحقوق وابراء للذمة ، فاعتادوا كتابتها واعرفوا من يقوم بها من أهل الثقة من الأخوة او الأبناء ، فما أجمل الثقة بالله والاطمئنان إليه وتنفيذ مااوصانا به الذي لا يأتي إلا بالخير .
وانا اجزم عندما يقرأ البعض بداية مقالي هذا ، سيتواصلون معي ويقولون مابك ، هل أنت على مايرام ؟