سكون الليل وصوت الرياح .. حكايات الهدوء والرهبة
عندما يسدل الليل ستاره، ويهدأ ضجيج النهار، يولد عالم آخر مليء بالغموض والسكون. الليل بحد ذاته لوحة من التأمل، تتناثر فيها النجوم كحروف غير مكتملة لقصص لم تروَ بعد، لكنه لا يأتي وحده، بل يرافقه دائمًا ذلك الصوت العتيق… صوت الرياح.
تلك الرياح التي تتسلل بين النوافذ، تهمس في أذن المساء وكأنها تحمل أسرار الأرض، تنقل حكايات الصحارى الممتدة والبحار المتلاطمة، وتسرد تاريخ الأشجار التي انحنت لها إجلالًا. أحيانًا تأتي كنسيم هادئ يداعب الأغصان، وأحيانًا كعاصفة تصرخ في وجه الصمت، تذكرنا بقوة الطبيعة وسط سكون الليل المخادع.
كم مرة وقفنا أمام نافذة مفتوحة في منتصف الليل، نراقب الظلام ونستمع إلى هذا اللحن الأزلي ؟ ربما حمل لنا شعورًا بالأمان أو دغدغ في قلوبنا ذكريات قديمة، وربما أيقظ فينا إحساسًا بالوحدة، ذلك النوع من الوحدة الذي لا يخيف، بل يجعلنا نغرق في أعماق أنفسنا أكثر.
في بعض الليالي، يكون صوت الرياح كنداء بعيد، كرسالة مجهولة لا نعرف ما تحمله، لكنه دائمًا يثير التساؤلات. هل يخبرنا الليل بشيء لا نفهمه ؟ أم أن الرياح هي مجرد انعكاس لأفكارنا، تهب حين تضطرب أرواحنا وتهدأ حين نجد السلام ؟
سكون الليل وصوت الرياح… ثنائية تثير فينا الدهشة والرهبة معًا، تجبرنا على التوقف للحظة، للاستماع، للتأمل، وربما لإعادة اكتشاف أنفسنا في ظلال الليل الطويل.
معلا السلمي
كاتب رأي