منوعات
رواية حين بكت الشجر للكاتبة أماني الزيدان

رواية حين بكت الشجر للكاتبة أماني الزيدان
في روايتي “حين بكت الشجر”، لم تكن الحكاية مجرّد أحداثٍ مرسومة أو حواراتٍ متبادلة بين شخصيات،بل كانت وجعًا صامتًا زمناً،،يبحث عن مفقودٍ لا يدركه، وعن ذاتٍ تاهت تحت الحطام، في لحظة خاطفة بين شمسٍ وضُحاها….
كان الحزن يهمس مع الغروب، معلنًا نهاية الوجود، لا بالحياة وحدها، بل بالذاكرة والهوية وكل ما يربط الإنسان بنفسه..
لم تكن هذه الرواية وليدة خيال مجرّد،بل انعكاس لصراع داخلي ظلّ صوته خافتًا، حتى وجدت من الكلمات متنفسًا،ومن الكتابة طريقا لسردها .. اخترت أن تُجسِّده امرأة في ربيع العمر ، أم تتهاوى حياتها في لحظة مباغتة، فتنكشف هشاشة كل ما كانت تظنه ثابتًا. لم أكتبها لأصف المصيبة، بل لأغوص في ارتداداتها، في الأسئلة التي تتركها، وفي المساحات التي يخلقها الغياب داخل الروح..
تدور الرواية حول حادث مأساوي يفقدها ذاكرتها وطفليها، بينما يتحول زوجها – الذي لطالما كان- غريبًا بفكره وتصرفاته – إلى خصم مقعد،تملأها مشاعر الغضب، والندم في هذا الفراغ الموجع، تبدأ البطلة رحلة بحث عن ذاتها، تتلمس أطياف الذاكرة في تفاصيل الطفولة والسنوات التي عاشتها في بيت دافيء ، وأوراق العمل ، ودفتر الذكريات وأحاديث لم تكن تلقي لها بالًا ذات يوم، لكنها تقودها نحو الحقيقية !
العنوان “حين بكت الشجر” ليس محض استعارة، بل هو وجع الطبيعة حين تفقد أغصانها، والإنسان حين يفقد كل ما يعرفه عن الحياة الحاضرة، ليتوقف به
الزمن حيث الطفولة شعور بأمان حقيقته حزن طويل ،وابتسامة خلفها ألم …
الرواية ليست عن الفقد فحسب بل عن النجاة بعد هذا الفقد ، ليست عن الموت فقط، بل عن الحياة التي تنبت من تحت الركام. إنها حكاية كل من جرّب أن يبدأ من جديد بلا ماضٍ، وأن يستعيد ملامحه من خلال مرآة الآخرين.
كتبت هذه الرواية وأنا أؤمن أن الألم لا يجب أن يُخفى، بل يُكتب، ويُقال، ويُقرأ. فربما حين نبكي نحن، تبكي معنا الشجر، ويعود للحياة معنى آخر، أكثر دفئًا وإنسانية…. عندما تستجيب الغيوم لدمع الشجر وتنزل سحائب رحمة تملأ الأرض بعد الصحر.
وتبقى “حين بكت الشجر ” مشروعًا روائيًا يحمل في طياته الكثير من الشجن والمعاني الإنسانية العميقة، وهي على أعتاب النشر لتأخذ مكانها بين القراء والنقّاد. أرجو أن تجد هذه الرواية صداها لدى من يقرؤها، وأن تفتح مساحة للتأمل في قضايا الفقد والذاكرة والبحث عن الذات. فالكتابة ليست غاية في ذاتها، بل جسر يمتد بين الكاتب والقارئ، ومن خلالها أطمح أن تصل هذه القصة إلى القلوب، بهدوئها
وصدقها، كما لو كانت دمعة تسقط على ورق الحياة…