عبدالله بن سالم المالكي
رمضان يجمعنا
عندما يأتي شهر رمضان المبارك أتذكر بلهفة وشوق الحياة الجميلة التي عشناها في كنف الوالد والوالدة يرحمهما الله، فقد كان الاجتماع بهما في هذا الشهر الفضيل له نكهة خاصة ويحمل ذكريات جميلة، ويتخلله الدعوات الدائمة لي ولإخوتي وأخواتي بالتوفيق المستمر والإحترام المتبادل والأخوة الصادقة.
كانت أيامًا جميلة بكل ما تعنيه الكلمة لم نشعر بقيمتها الا بعد وفاة الوالد والوالدة رحمهما الله وأسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة وجمعنا بهما في جنات النعيم .
صحيح لا زلنا نحن الإخوة والأخوات نجتمع بين الحين والآخر ولكن ليس بنفس الطعم الذي كنا نتذوقه في حياة الوالد والوالدة رحمهما الله ومن جَرَّب الفقد عرف قيمة ذلك .
ومع ذلك يأتي رمضان ليذكرنا بالماضي الجميل وليجمعنا على الخير ويكسر حواجز التواصل الاجتماعي الباردة إلى تواصل حي ومباشر مع الأقارب والأحباب ومن تربطنا بهم صلة .
رمضان يجمعنا على قيم كبيرة ومعاني سامية كالوصل والتزاور وتبادل الأطعمة بين الجيران وإجتماع الأسر وتحسس أحوال بعضهم البعض والتسامر على الحكايات الجميلة والقصص المؤثرة
وممارسة الرياضات المختلفة كالمشي وكرة الطائرة التي تنتشر بكثرة في ليالي رمضان وغيرها من الألعاب الشعبية المحببة للنفس .
رمضان يجمعنا على حب الخير وتقديم وجبات الإفطار للصائمين من عابري الطريق والفقراء والمحتاجين وكذلك الجيران وإن كانوا موسرين ويجمعنا كذلك على صلاة التراويح في المسجد مع جماعة الحي والإستمتاع بالأجواء الروحانية في رحاب الله.
لذلك فإن قيمة رمضان ليست في الأكل والشرب وتنوّع قائمة الطعام بل في القيمة المضافة التي يوجدها في السلوك العملي والنهج الأخلاقي والمشاركة المجتمعية والأسرية الذي تتجلى صوره في رمضان .
في رمضان نتذكر الجوع ونعيش أحوال المسلمين المستضعفين ونسترجع عادات كثيرة فقدناها للخير الذي نعيش فيه بفضل الله ، وأعمالاً كبيرة لم نعُد نمارسها لعدم حاجتنا لها والحمد لله.
لذلك لابد أن نحمد الله على ما نحن فيه من أمن وأمان ووطن عظيم وأسرة حاكمة عادلة تحافظ على الشعائر الدينية وتدعم الأواصر المجتمعية وتهتم بالجمعيات الخيرية ولا تألوا جهداً في سبيل تهيئة الحرمين الشريفين للطائفين والعاكفين والركع السجود ومن هذا المنطلق يتوجب علينا أن نحيي ليالي رمضان بما يجمعنا ويقوي لحمتنا الأسرية والوطنية لتحقيق ما فيه الخير للبلاد والعباد .
كاتب رأي ومستشار أمني
