كُتاب الرأي

*رسالة الإسلام بين النبي الأمي والوطن السعودي الأبي*

 

*رسالة الإسلام بين النبي الأمي والوطن السعودي الأبي*

في بطحاء مكة، وفي قلب جزيرة العرب، بزغ نور الرسالة الخالدة، رسالة الإسلام التي حملها النبي الأمي محمد ﷺ. لم يكن يقرأ أو يكتب، لكنه أخرج أمة من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن عبودية الأصنام إلى عبادة الله الواحد القهار. لقد كانت رسالة الإسلام منذ بدايتها رسالة توحيد وكرامة، سلام وعدالة، وحرية مسؤولة.
وقف النبي الأمي ﷺ شامخًا، رافضًا المساومة على الحق، مؤمنًا برسالة لا تقبل الذل ولا الخضوع. لم يخضع لقريش، ولم يلن أمام المغريات، بل حمل الرسالة بثبات وصبر حتى نصره الله، وأتم النور، وبلغت الدعوة آفاق الأرض.
وبعد قرون، شاء الله أن تقوم في أرض الرسالة دولة تحفظ هذا النور، وتُجدد العهد، فكان الوطن السعودي الأبي. من الدولة السعودية الأولى حتى يومنا هذا، كانت المملكة ولا تزال درعًا حاميًا للإسلام، وراعية للحرمين الشريفين، وحاملة لراية التوحيد. لم ترضَ المملكة يومًا بالخضوع، بل كانت دائمًا معتزة بدينها، مستقلة بقرارها، وفية لرسالة النبي الأمي ﷺ.

لكن الأمر لم يتوقف على حماية الرسالة، بل تجاوزه إلى نشرها بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعزيز قيم الإسلام النبيلة: التسامح، الرحمة، العدل، والإحسان. وقد كان أبناء السعودية في طليعة من حملوا هذه القيم إلى العالم، في المحافل الدولية، والهيئات الإسلامية، والمؤسسات التعليمية، والمبادرات الإنسانية.
وقد عبّر عظماء الدولة السعودية عن هذا النهج بوضوح، حيث قال الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله:
“أنا رجل عقيدتي وديني الإسلام، وسيرتي مسيرة المسلمين الأولين، أُقاتل من قاتلني وأُسالم من سالمَني، وأدين بدين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا ﷺ.
لقد أسهم العلماء والدعاة والمفكرون السعوديون في نشر الوسطية والاعتدال، ومحاربة الغلو والتطرف، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام. وكان للمملكة عبر مؤسساتها – كهيئة الإغاثة، ورابطة العالم الإسلامي، ومنظمة التعاون الإسلامي – دور كبير في نشر السلام، ونجدة المظلومين، ودعم الفقراء، ومساندة الشعوب المتضررة، دون تمييز في الدين أو اللون أو العرق.
وأكد الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله:
“نحن نؤمن برسالة الإسلام، ونفخر بأننا حملنا رايتها، وسنظلّ ندافع عنها ونعمل على نشرها بكل ما أوتينا من قوة.”

وقال أيضًا الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله:
“نحن لا ندعو إلى الإسلام فقط، بل نتمثّله سلوكًا، ونحرص على أن تكون دعوتنا له بالحكمة والموعظة الحسنة.
واليوم، ومع ما تحمله المملكة من عمق حضاري، ومكانة دينية، وقوة اقتصادية وإنسانية، فإن السعوديين هم الأجدر والأحق بقيادة العالم نحو مستقبل يسوده التسامح، وتُبنى فيه الأفكار، وتُعمر فيه الحياة. إنهم أبناء الرسالة، وحماة القيم، ورواد النهضة، يحملون نور الإسلام في قلوبهم، ويقدمون نموذجًا في الاعتدال، والمبادرة، والمسؤولية تجاه الإنسان كإنسان.
وفي عهدنا الحالي، جدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله التأكيد على استمرار المملكة في حمل الرسالة، بقوله:
“ستظلّ المملكة متمسكة برسالة الإسلام، وماضية في مدّ جسور التواصل والحوار والسلام بين الشعوب.
وفي ظل رؤية 2030، تواصل المملكة جهودها في تقديم نموذج حضاري يُجسّد قيم الإسلام في صورتها الراقية والإنسانية، حيث يعانق الإيمانُ التنمية، وتلتقي القيمُ بالحداثة، ويصوغ أبناء الوطن مستقبلاً يكرّم الإنسان ويحترم كرامته.
ومع تجدد ذكرى الهجرة النبوية.. نجدد فخرنا بدورنا العظيم في العالم وما خص به السعودين من نشر رسالة السلام بالعالم، وفي ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، نستذكر الحدث التاريخي العظيم الذي غيّر مسار البشرية، حين هاجر النبي محمد ﷺ من مكة إلى المدينة، حاملًا رسالة الحق والتسامح، وبانيًا مجتمعًا متماسكًا على قيم الإيمان والعدالة والسلام.
ومنذ ذلك الحين، ظل أبناء هذا الوطن السعودي الأبي أوفياء لنهج النبي الكريم، حاملين أمانة الرسالة المحمدية، ناشرين قيم الإسلام السمحة في جميع أنحاء العالم. فقد كانت المملكة العربية السعودية، بوصفها موطن الحرمين الشريفين، السباقة في ترسيخ مبادئ السلام والتعايش ونشر المعرفة الإنسانية والثقافية، لتكون منارةً للهدى ومركزًا عالميًا للتواصل والحوار بين الأمم.
وبهذا المسار المبارك، يواصل أبناء المملكة العربية السعودية المسيرة الحضارية التي بدأت مع الهجرة النبوية، مسطرين صفحة مشرقة في نشر قيم التسامح والمعرفة والسلام، مؤكدين للعالم أن هذا الوطن الأبي هو الأحق بقيادة مسيرة الخير، وحمل شعلة الإسلام السمحة بروح العصر وحكمة القادة.
هكذا، بين النبي الأمي الذي بعث رحمة للعالمين، والوطن الأبي الذي حمل الراية بأمانة، والشعب السعودي الذي يواصل المسيرة بقلب مؤمن وعقل واعٍ، تبقى رسالة الإسلام حيّة، متوهجة، تُنير الدرب للبشرية جمعاء.

بقلم د. عبدالرحمن الوعلان
معد برامج تلفزيونية وكاتب مسرحي

 

الدكتور عبدالرحمن الوعلان

كاتب رأي ومسرح ومعد برامج ومشرف في ظلال المشهد المسرحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى